بدأت أمس في العاصمة الإيطالية روما الدورة الثلاثون للجمعية العامة للمركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية «إيكروم». ويشهد الحدث الذي يستمر ثلاثة أيام عدداً من جلسات النقاش حول الطرق المثمرة والمستدامة لدعم إعادة ترميم المدن التاريخية المدمرة والمتضررة. واجتمعت وفود الدول ال135 الأعضاء أمس لمناقشة التوجهات الاستراتيجية وإقرار خطة العمل للوكالة الثقافية التي تتخذ من روما مقراً لها، وانتخاب المجلس الذي يديرها. وتصادق الجمعية العامة أيضاً على ترشيح المدير العام المقبل للمنظمة الذي يرشحه المجلس التنفيذي لولاية مدتها ستة أعوام. وتضمن الافتتاح مجموعة من الكلمات التي ألقاها عدد من ممثلي المنظمات الدولية والإيطالية. وشدد المتحدثون على أهمية تعزيز التعاون الدولي في حفظ الممتلكات والتراث الثقافي، والقيام بعمليات ترميم، ومواجهة التحديات الحالية والمستقبلية التي تتضمن الدمار الذي أصاب ويصيب التراث الثقافي الملموس والممتلكات الثقافية خلال الصراعات المسلحة، وإدارة أخطار الكوارث، والإتجار غير المشروع بالقطع التراثية، وأخطاراً جديدة تهدد التراث الثقافي غير المادي. وقال الدكتور ستيفانو دي كارو في آخر مشاركة له كمدير عام لمنظمة «إيكروم»: «بفضل الدعم الكبير الذي قدمته الدول الأعضاء، والمساهمة والالتزام التام لفريق العمل المحترف ضمن منظمة إيكروم، استطعنا تطبيق برامج إيكروم بهدف بناء القدرات داخل المجتمع المهني لحماية التراث الذي لا يمكن تعويضه». تدمر والنهوض من الدمار وبالتزامن، افتتح معرض بعنوان «تدمر: النهوض من الدمار»، برعاية جمعية إنكونترو دي سيفيليتا (لقاء الحضارة) التي يرأسها وزير الثقافة الإيطالي السابق فرانشيسكو روتيلي. وتضمن المعرض نموذجين من التراث المهم من مدينة تدمر السورية. الأول، نسخة طبق الأصل من معبد بيل، وقد أعيد إحياؤه من جديد بواسطة التكنولوجيا الحديثة. أما الثاني، فهو تمثال جنائزي أثري كان قد تعرض للسرقة في مدينة تدمر، وضبط واستعادته الشرطة في إيطاليا، وسيعاد إلى سورية عندما تسمح الظروف. وقال فرانشيسكو روتيلي عن الوضع في سورية: «بمجرد انتهاء الصراع في سورية، وتحسن الظروف الأمنية على الأرض لتسمح بعملية الترميم، سوف تطفو إلى السطح العديد من القضايا التي تتعلق بعملية ترميم مدينة تدمر وإعادتها إلى سابق عهدها وروعتها». وأضاف: «بالنسبة إلى حلب، وأجزاء كثيرة من المنطقة، لن يكون الأمر مجرد مسألة تقنية، بل سيتعلق بالاختيارات في عملية الترميم التي يجب ألا تفضي بأي حال من الأحوال إلى مواقع مصطنعة لا تعكس حالتها الأصلية، تشبه بطريقة أو أخرى ديزني لاند». ورأى وجوب أن تُدرس جهود الترميم وإعادة الإعمار بطريقة منهجية على أساس منفصل، كل حالة على حدة، ويجب تنفيذ هذه الجهود بعناية فائقة بالاعتماد على الأدلة العلمية السليمة. وفي هذا الصدد، يمكن الإرادة السياسية للسلطات المحلية أن تنال دعماً عبر التعاون الدولي، ولكن لا تجوز الهيمنة عليها من خلال فرض التدخلات من الخارج. المدير العام الجديد ل «إيكروم» من ناحية أخرى، صادقت الجمعية العامة على تعيين الدكتور ويبر ندورو مديراً عاماً جديداً لمنظمة «إيكروم»، ليقود المنظمة خلال السنوات الست المقبلة. حصل ندورو على شهادة البكالوريوس في التاريخ من جامعة زيمبابوي عام 1982، وحصل على درجة الماجستير في الفلسفة في الآثار عام 1987 من جامعة كامبريدج، ودرجة الماجستير في الحفظ المعماري من جامعة يورك. أكمل دراساته العليا في جامعة أوبسالا عام 2000 وحصل على الدكتوراه في إدارة التراث. انضم ويبر ندورو إلى هيئة المتاحف والآثار الوطنية في زيمبابوي عام 1985. وعمل منسقاً زميلاً في برنامج الآثار لديها خلال الفترة من عام 1992 وحتى عام 1994، ثم انتقل للعمل في جامعة زيمبابوي كمحاضر لمادة إدارة التراث. كما حاضر في مادة إدارة التراث في جامعة بيرغن في النروج، إضافة إلى جامعة كيب تاون في جنوب أفريقيا، حيث يملك الآن لقب زميل مشارك في البحث. عام 1998، بدأ أول تعاون يجمع بين ويبر ندورو ومنظمة «إيكروم»، عندما تسلم مهمة تطبيق أحد المشاريع الثلاثة الأولى ضمن الموقع لبرنامج إفريقيا 2009. ومنذ عام 2002، عمل ندورو كموظف بدوام كامل ضمن منظمة «إيكروم» في برنامج أفريقيا 2009، وقدم ضمن «ايكروم» وجهة نظر مهمة تعكس الحالة الأفريقية استفيد منها في مرحلة التخطيط والتطبيق للبرنامج. غادر ندورو منظمة «إيكروم» عام 2007 ليتولى منصب المدير التنفيذي لصندوق التراث العالمي الأفريقي (AWHF)، المنصب الذي يشغله حتى هذا اليوم. وهو قاد الصندوق ليصبح واحدة من منظمات الصون الرائدة في المنطقة. وقام الصندوق بقيادته بعملية تخطيط وتنفيذ للبرامج والمشاريع لحفظ التراث التي تسعى الى تحسين الترشيحات للتراث العالمي، وتعزيز إدارة أخطار الكوارث وأنظمة الإدارة التقليدية، وتطوير ريادة الأعمال المرتبطة بالتراث في المنطقة. جلسات واجتماعات تتابع الجمعية العامة غداً جلساتها واجتماعاتها الإدارية. وستعقد جلسة نقاش موضوعية في شأن «إعادة الإعمار بعد الصراع - التعافي والمشاركة المجتمعية»، بالتعاون مع «ايكروم – الشارقة»، المركز الإقليمي لحفظ التراث المادي العمراني والأثري في العالم العربي، الشارقة، دولة الإمارات العربية المتحدة. ويؤكد هذا النشاط الحاجة إلى التنسيق بين مختلف الوكالات التنموية في شأن قضايا إعادة الإعمار، مع إشراك المجتمعات المحلية ودعمها في ما يتعلق بالتنوع الثقافي. وسوف تركز جلسات النقاش على أمثلة ودراسات حالة من العديد من الدول حول العالم، بما في ذلك البوسنة والهرسك، واليابان، ولبنان، ومالي، والمكسيك، وسريلانكا، وسورية. من جهة أخرى، يُفتتح غداً افتتاح معرض للصور الفوتوغرافية ذات الصلة في الأكاديمية المصرية في روما بعنوان «ماذا بعد اليوم: ظلال التراث»، ويتضمن مجموعة من الصور التي تعرض التراث الثقافي المدمر في أربع دول في الشرق الأوسط، وهي ليبيا، العراق، سورية، واليمن، قبل تعرضها للدمار وبعده، بهدف كشف حجم الدمار الذي لحق بهذه المواقع.