أكدت فرنسا أمس أنها «تعارض كلياً» إرسال قوات إلى ليبيا، معتبرة أن الثوار هم الذين يجب أن يتولوا توجيه طائرات حلف شمال الأطلسي، لكنها تعهدت تكثيف غاراتها الجوية، فيما أعلنت بريطانيا عزمها إرسال خبراء عسكريين إلى ليبيا لمساعدة الثوار. وقال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أمام جمعية الصحافة الديبلوماسية في باريس: «ما زلت من جانبي أعارض نشر قوات على الأرض»، رداً على سؤال عن طلب نائب فرنسي إرسال ما بين 200 إلى 300 من عناصر القوات الخاصة لدول الحلف الاطلسي إلى ليبيا لمساعدة الثوار على إرشاد طائرات التحالف في شكل افضل لقصف أهداف نظام معمر القذافي. وأضاف أن «هذا العمل من مسؤولية المجلس الوطني الانتقالي وقواته التي تستطيع القيام بهذا الدور من دون أن تكون هناك ضرورة لنشر قوات على الأرض». وندد «في شدة بما يعاني منه سكان مصراتة»، مضيفاً أن «الأحوال المناخية لا تكون ملائمة أحياناً... لكن المدفع شيء يمكن رؤيته» في ما يبدو وكأنه انتقاد جديد لطريقة الحلف الاطلسي في قيادة العمليات. وفي موازاة هذا التصريح، أعلن رئيس الحكومة الفرنسية فرنسوا فيون أمس في مؤتمر صحافي عقده في كييف أن فرنسا «ستكثف» ضرباتها الجوية في ليبيا لحماية المدنيين. وقال إن «القصف العنيف الذي تتعرض له مدن كثيرة في ليبيا على يد القوات الموالية للقذافي... لذلك سنكثف جهودنا العسكرية معتمدين على قواتنا الجوية لمنع قوات القذافي من مواصلة ما تقوم به ضد السكان المدنيين، إلا أنه من الضروري في الوقت نفسه السعي للوصول إلى حل سياسي، أي تأمين الشروط المسهلة لحوار يتيح حل الأزمة الليبية». ولفت إلى أن «هذه الازمة لن تحل عبر العمل العسكري الذي تقوم به قوات الائتلاف. وهذا هو السبب الذي دفعنا إلى إجراء سلسلة من الاتصالات في اطار مجموعة الاتصال بهدف تمكين النوايا الحسنة لدى الجهتين من ايجاد اطار للحوار». وبعد ان استبعد مجدداً أي نشر للقوات على الأرض، ذكر فيون ان فرنسا تتدخل في ليبيا في اطار ائتلاف دولي يعمل بناء على تفويض من الأممالمتحدة وهو «تفويض نلتزم به حرفياً». لكن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أعلن أمس إرسال مستشارين عسكريين بريطانيين إلى المجلس الوطني الانتقالي الليبي. وأوضح أن هذا الفريق «سيقدم المشورة إلى المجلس الوطني الانتقالي حول طريقة تحسين بنى تنظيمه العسكري ووسائل اتصالاته وقدراته العملانية، وحول أفضل الوسائل لتوزيع المساعدة الانسانية والطبية». لكنه أكد أن الجنود البريطانيين لن «يشتركوا في تدريب قوات المعارضة أو تسليحها» و «لن يشاركوا في تحضير أو تنفيذ عمليات المجلس الوطني الانتقالي». ورأى أن إرسال هؤلاء المستشارين «يتطابق تماماً مع بنود قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الرقم 1973 الذي ينص على حماية المدنيين لكنه يستبعد إرسال أي قوة احتلال الى الاراضي الليبية». في المقابل، رأى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في ليبيا أمر ملح، مؤكداً أن تفويض الأممالمتحدة انتهك. وقال إن «الملح هو التوصل الى وقف لاطلاق النار»، معرباً عن أسفه «لرفض المعارضة في ليبيا التفاوض بسبب مواقف بعض البلدان الغربية». وشدد على أن «مجلس الأمن لم يحدد هدفاً يقضي بتغيير النظام في ليبيا أو في بلد آخر والذين يستخدمون قرار مجلس الأمن لبلوغ هذا الهدف يخرقون تفويض الأممالمتحدة». في غضون ذلك، يجتمع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مع رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي المعارض مصطفى عبدالجليل في باريس اليوم بينما تحاول القوى الغربية كسر حال الجمود الراهنة في الصراع الدائر في ليبيا منذ شهرين. وكان ساركوزي أول زعيم أجنبي يعترف بالمجلس الانتقالي. وقال مصدر مقرب من المعارضة الليبية إن عبدالجليل سيطلب من حلف شمال الاطلسي تصعيد ضرباته الجوية وقد يقدم قائمة بأسماء مسؤولين في طرابلس يمكن ان تتعامل معهم المعارضة في حال رحيل القذافي. وأضاف أن «عبدالجليل سيحضر معه معلومات دقيقة عن أهداف عسكرية داخل مصراتة». وذكر مكتب ساركوزي أن المحادثات ستركز على «سبل الانتقال الديموقراطي في ليبيا التي حكمها القذافي 41 عاماً». وكان عبدالجليل التقى أمس وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني في روما. واكد أن القذافي «لن يتخلى ابداً عن الحكم الا بالقوة». وقال إن إيطاليا وفرنسا وقطر التي اعترفت بالمجلس كمحاور شرعي «لن تندم على ذلك»، مشيراً إلى أنه سيتعاون خصوصاً مع الدول الثلاث. وأضاف: «سيكون هناك تعاون وروابط صداقة، خصوصاً مع ايطاليا وفرنسا وقطر ثم مع دول صديقة أخرى مثل بريطانيا والولايات المتحدة». وأعلن فراتيني أن اجتماعاً تعقده دول غربية وشرق أوسطية في روما الشهر المقبل سيسعى إلى إيجاد سبل لتمكين المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة الليبية من بيع النفط في الاسواق العالمية. وقال إن الزعماء سيعملون لايجاد سبل «تتيح للمنتجين والموردين بيع المنتجات النفطية التي يجري انتاجها في برقة للمشترين الدوليين».