في خطاب «مسالم» استهل به جولته الأفريقية في بوركينا فاسو، قدم الرئيس إيمانويل ماكرون نفسه ممثلاً لجيل فرنسي «يعتبر أن جرائم الاستعمار الأوروبي لا جدال فيها، ويريد بناء علاقة جديدة مع دول القارة بدلاً من إبلاغها بما يجب أن تفعل». لكن إلقاء ملثمين قبل ساعتين من وصول ماكرون قنبلة يدوية على آلية للجيش الفرنسي في أحد الأحياء الشمالية للعاصمة واغادوغو، والذي أسفر عن جرح ثلاثة مدنيين أحدهم في حال الخطر، ووضع عشرات المتظاهرين حواجز على جادة مؤدية إلى جامعة واغادوغو، ورفعهم شعارات بينها «يسقط استغلال الغرب أفريقيا»، أظهر استمرار تجذّر «العداء» للدولة المستعمرة السابقة. وواجه ماكرون أيضاً أسئلة «صعبة وغير ودّية» من طلاب جامعة واغادوغو، بعدما ألقى خطابه الذي كثرت فيه الإشارات إلى الأبطال الوطنيين في القارة مثل نيلسون مانديلا والزعيم الثوري لبوركينا فاسو توماس سانكارا، وبينها قوله: «أنا من جيل كان انتصار نيلسون مانديلا بالنسبة إليه أحد أفضل الذكريات السياسية». وحاول بلا جدوى أحياناً «إسكات» بعض الحاضرين داخل قاعة الجامعة التي يوجد فيها 800 شخص، كي يستطيع إيصال أجوبته. وفيما تهدف الجولة إلى محاولة إرضاء شباب أفريقيا، الذي يرتاب كثيراً من فرنسا ويُطالب بإنهاء كل ما يجسّد في نظره الماضي الاستعماري، أي «نهب الموارد» من الشركات الفرنسية وربط الفرنك الأفريقي باليورو والوجود العسكري الفرنسي، وصف ماكرون بوركينا فاسو بأنها «رمز التطلع إلى الديموقراطية لدى الشباب الأفريقي»، في إشارة إلى الانتفاضة الشعبية التي أطاحت الرئيس بليز كومباوري بعد 27 سنة في السلطة، وقادها شبان يشكلون أكثر من نصف السكان. ومنذ أن توضّح التهديد الإرهابي لمنطقة الساحل والصحراء عام 2010، يدعم أفراد من القوات الخاصة الفرنسية متمركزون في واغادوغو القوات الحكومية التي تدخلت خصوصاً في اعتداءين إرهابيين استهدفا واغادوغو في كانون الثاني (يناير) 2016 وآب (أغسطس) الماضي، وأسفرا عن نحو 50 قتيلاً. واعتبر الرئيس الفرنسي أن تشكيل قوة لدول غرب أفريقيا من أجل قتال الإسلاميين المتشددين «يستغرق وقتاً طويلاً جداً». وحضّ على تعاون أكبر بين أوروبا وأفريقيا لمكافحة مشكلة التهريب في المنطقة». كما أعلن أنه «سيقترح مبادرة أوروبية- أفريقية لضرب المنظمات الإجرامية وشبكات المهربين» التي تستغل مهاجري أفريقيا جنوب الصحراء في ليبيا. كما أعلن عن «دعم مكثف لإجلاء أشخاص يواجهون خطراً في ليبيا»، ووصف بيع مهاجرين عبيداً في سوق بليبيا بأنه «جريمة ضد الإنسانية». وستكون مسألة الهجرة الأفريقية إلى أوروبا والأمن في صلب محادثات القمة الأفريقية - الأوروبية الخامسة في شاطئ العاج التي سيزورها ماكرون لاحقاً، قبل أن يتوجه إلى غانا.