واشنطن - رويترز - قد يتعهد مسؤولون ماليون بدعم الدول العربية في مستهل حقبة سياسية جديدة، لكنهم سيظلون خلف الكواليس مترددين في الانخراط في منطقة «ربما يتجاهل حكامها المستقبليون نصائحهم». واجتمع وزراء المال في عدد من الاقتصادات الكبرى الخميس في واشنطن بمسؤولين من بعض الدول في الشرق الأوسط وشمال أفريفيا لمناقشة الاضطرابات في المنطقة. وأعلنت فرنساوالولاياتالمتحدة نيابة عن المشاركين في الاجتماعات أن «هذه التحوّلات تتعلق بمنح الشعوب فرصاً وحريات، ونحن على استعداد لدعم هذه الدول باستجابات منسّقة مع المؤسسات الدولية، التي يمكنها أن تقدم موارد وخبرة هائلة وتساهم في هذه التحولات». ولم يقدم البيان تعهدات بزيادة المساعدات المالية، لكنه دعا «إلى خطة عمل مشتركة» لتطوير المصارف، لتوجيه الاستثمار في شكل يدعم تأمين وظائف وتحسين الحكم الرشيد والإصلاحات الاقتصادية. وقال الخبير في الشؤون المالية للشرق الأوسط في «المركز الأميركي للدراسات الاستراتيجية والدولية» فاريبروز غدار: «إذا أردت حلاً، فلن يكون الكلام كافياً». وأوضح أن الشرق الأوسط الضعيف يحتاج إلى «خطة مارشال عالمية» بمساعدة الدول المنتجة للنفط في المنطقة ودول آسيوية تعتمد على نفط الشرق الأوسط، كالصين. ورجّح المدير السابق للشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي محسن خان أن يكون إعلان المساعدة تُرك مبهماً لأن المانحين والمقرضين لا يعرفون من سيقود هذه الدول في المستقبل، ويدرسون ما يمكنهم أن يمنحوه إلى منطقة لا تحتاج إلى سيولة بمقدار حاجتها إلى الخبرة والاستثمار. وتابع: «من يمثلون مصر وتونس، الموجودون في واشنطن حالياً، ليسوا من سيتواجدون في غضون ستة أشهر. ولا نعرف بالتالي، كيف ستكون الاستراتيجية الاقتصادية لهذه الدول. لذلك، يصعب قطع أي التزامات معها. قد تتولد مشاعر معادية للسوق في هذه الدول. لذلك، يتحرّك المانحون بحذر شديد، لأنهم لا يعرفون الدور الذي يمكنهم الاضطلاع به إذا تخلّت هذه الدول عن السياسات الحرة الغربية». وتوقع مسؤول في وزارة الخزانة الأميركية تقديم بعض المساعدات الثنائية، لكن المسؤولين الماليين الذين حضروا اجتماع الخميس، ومن بينهم مسؤولون من الولاياتالمتحدةوفرنسا وكندا واليابان وروسيا ومصر وتونس، اتفقوا على أن «مؤسسات الإقراض العالمية في وضع أفضل لمساعدة المنطقة على الإسراع في وتيرة النمو». وقال رافضاً نشر اسمه: «أعتقد أن هذه المؤسسات في وضع يحضّها على تحقيق توازن بين الاندفاع نحو تقديم المساعدات، والتحرّك بحذر، وسط حال من عدم اليقين». وتحدث رئيس البنك الدولي روبرت زوليك بحماسة عن الحاجة إلى تحرك سريع لدعم المنطقة. وأقر البنك قرضاً قيمته 500 مليون دولار لتونس. وألمح زوليك إلى أن البنك سيبدأ العمل مباشرة مع جماعات مدنية محلية لديها معرفة وخبرة مباشرة بالوضع على أرض الواقع. وانتزعت حكومة تسيير الأعمال في مصر، التي جاءت إلى واشنطن سعياً للحصول على تمويل قيمته 10 ملايين دولار ومساعدات، التزامات محدودة من وزراء المال خلال الاجتماعات، نتيجة للقلق من افتقار مصر إلى خطة إصلاح شاملة تطمئن المجتمع الدولي إلى أن البلاد تسير في الاتجاه الصحيح. وثمّة مخاوف من تراجع قادة يستشعرون الخطر الذي يتهددهم سياسياً في ظل وضع لا يزال متقلباً، عن إصلاحات اقتصادية، أو اللجوء إلى إجراءات تلقى قبولاً شعبياً ويعتقد خبراء اقتصاديون أن من شأنها أن تضر بالنمو على المدى الطويل. وربما تأتي المساعدات والاستثمارات من أوروبا التي تخشى موجة من الهجرة عبر البحر المتوسط، والولاياتالمتحدة الحريصة على تفادي ارتفاع الأسعار في أسواق النفط العالمية، وضمان ألا يتيح عدم استقرار تربة خصبة للمتشددين. وحذّرت الديبلوماسية الأميركية السابقة البارزة مولي وليامسون من أن «الحكومات الغربية التي تكافح لحل مشاكلها المالية الخاصة لن يمكنها على الأرجح تقديم مساعدات جديدة كبرى لهذه الدول». ولفتت إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما يواجه معركة شرسة مع الجمهوريين حول خطط لخفض تريليونات الدولارات من عجز الموازنة الأميركية.