عزا عدد من رؤساء الأندية الأدبية لجوء الأندية إلى دور نشر عربية، في ظل وجود دور نشر سعودية، بحثاً عن ضمان لحضور النتاج الأدبي السعودي في المعارض العربية للكتاب، وأكد هؤلاء أن دور النشر السعودية لديها إشكال في جودة الإخراج الفني للإصدارات، إضافة إلى مشكلتها الأزلية في توزيع الكتب وتسويقها. وكانت «الحياة» طرحت تساؤلاً هو: لماذا تلجأ الأندية الأدبية إلى عقد شراكات مع دور نشر خارجية، في ظل وجود دور نشر سعودية؟ وأين دور وزارة الثقافة والإعلام في إقامة دار نشر لمطبوعات الأندية الأدبية؟ ويقول المدير العام للأندية الأدبية محمد عابس ل«الحياة»: أصدرت الأندية الأدبية عشرات العناوين من الكتب سنوياً، ولكنها كانت تقوم بتوزيعها على أعضائها وضيوفها، وبعد انطلاق معرض الرياض الدولي للكتاب أصبحت تشارك فيه لعرض وبيع مطبوعاتها، وهذا أمر لا يكفي، كما أن المطبوعات لا توصل إلى خارج المملكة، فكانت فكرة عقد شراكات مع بعض دور النشر العربية المعروفة، لتتولى التوزيع خارج المملكة، لتحقيق انتشار أوسع لمطبوعاتها»، مشيراً إلى أن الدور السعودية «لن تستطيع التوزيع خارج المملكة وتلبية رغبات الأندية، ومن يطبع لديها من المؤلفين، وحققت هذه الشراكات نجاحاً ملحوظاً، ويمكن تطويره مستقبلاً، كما أن الأندية الأدبية يمكنها أن تؤسس مع بعضها داراً تتولى النشر والتوزيع داخل وخارج المملكة، إذا اتفقت على ذلك، لأن الأندية لديها استقلالية مالية تسمح لها بذلك، والوزارة تدعم أية فكرة يمكن أن تدعم الأندية وترتقي بأدائها وتطور أدوات تواصلها مع المؤلفين والقراء والمتابعين». في حين يرى رئيس نادي المنطقة الشرقية الأدبي محمد بودي: في ظل استقلالية منظومة الأندية الأدبية، وبوصفها مؤسسات ذات شخصية اعتبارية، سعت هذه الأندية إلى إيصال إنتاج المبدع السعودي إلى مدى أوسع، وبالتالي كان إسناد هذه المهمة إلى دور نشر عربية تضمن حضور الإنتاج الأدبي السعودي في المعارض العربية للكتاب، وهذا لا ينطبق على الأندية كافة، فبعضها أسند هذه المهمة إلى دور نشر سعودية، وهي التي تسوق إصدارات الأندية داخلياً وخارجياً من طريق دار نشر عربية تتولى ذلك، ولا بد من التأكيد أن الأندية الأدبية مؤسسات غير ربحية، فهي داعمة للمؤلف وناشرة لإبداعه». وعن دور الوزارة في إطلاق دار نشر مطبوعات الأندية الأدبية يقول بودي: الوزارة لا تتدخل في الشأن الإداري والمالي للأندية، بل هي داعمة لاستقلاليتها، فكل ناد يديره مجلس إدارة مكون من عشرة أعضاء، تشرف على أدائه الجمعية العمومية لكل ناد، وفي اجتماع مجلس رؤساء الأندية الأدبية المنعقد في مدينة الدمام، والذي يتولى رئاسته نادي المنطقة الشرقية الأدبي، جاء في محضر الاجتماع الموافقة على تشكيل لجنة برئاستي، بوصفي رئيساً للدورة الحالية لمجلس رؤساء الأندية الأدبية وعضوية رؤساء الأندية في جدةوأبها، لدرس مقترح مقدم من رئيس نادي أبها الدكتور أحمد آل مريع؛ لإنشاء دار نشر للأندية الأدبية تتولى طباعة ونشر وتوزيع إصدارات الأندية الأدبية بإسهام مباشر من كل الأندية لتأسيسها، ووافق على درسه والنظر فيه رؤساء مجالس إدارات الأندية الأدبية، وإن شاء الله تكمل اللجنة درس المقترح وبحثه ورفع تقرير عنه إلى مجلس رؤساء الأندية الأدبية. أما رئيس نادي الرياض الأدبي الدكتور صالح المحمود، فيوضح أن نجاح طباعة أي كتاب «يعود إلى ثلاثة أمور، هي: مادته المعرفية، وإخراجه الجيد، وتوزيعه وتسويقه، ومن خلال التجربة فمعظم المكتبات ودور النشر والمطابع السعودية لديها إشكال واضح في جودة الإخراج الفني للإصدارات، كما أن لديها مشكلة أزلية في توزيع الكتب وتسويقها، وحتى حين نرزق بدار مميزة فإن الثمن يكون باهظاً جداً». وأضاف المحمود أنه في المقابل هناك بعض دور النشر اللبنانية «نعترف بأنها مميزة جداً في الإخراج الفني للكتاب وفي التوزيع والتسويق، كما أن كلفتها منطقية نسبياً، في مقابل جودة إنتاجها، ولذا هاجر كثير من المؤسسات الثقافية، وكذلك الأفراد، إلى دور النشر اللبنانية، لتضمن جودة فنية عالية، وتسويقاً احترافياً وتوزيعاً جيداً لمنجزاتها التأليفية. ونحن في النادي الأدبي بالرياض اتفقنا منذ عشر سنوات مع المركز الثقافي العربي وهو مركز محترم ونظنه الأفضل عربياً؛ ورأينا نتائج ذلك في منجزاتنا الصادرة من طريقهم». وعن التوجه نحو المطابع المحلية، يقول رئيس نادي جدة الأدبي الدكتور عبدالله السلمي: «الآن بدأت الأندية الأدبية تتجه إلى المطابع المحلية، وأضرب مثالاً على ذلك بنادي جدة الأدبي، الذي بدأ الآن بلورة عقد مع جامعة الملك عبدالعزيز؛ للاستفادة مما لديها من مطبعة ضخمة وكبيرة وإمكانات عالية، وأيضاً فإن الكلفة فيها ليست كبيرة»، مشيراً إلى أن الدافع إلى إبرام الأندية الأدبية عقوداً مع دور للطباعة من خارج المملكة العربية السعودية «هو حرص الأندية على أن تصل مطبوعاتها إلى كل المعارض الدولية المقامة في الوطن العربي وخارجه، وهذا لا يتأتى إلا من خلال دور نشر كبيرة، فالأندية الأدبية تعطي مطبوعاتها لدور نشر مشهورة وكبيرة ولديها الإمكانات للوصول إلى القارئ وإلى معارض الكتب، وهذا السبب ربما يكون هو الدافع للأندية إلى التعامل مع دور نشر شهيرة لديها مطابعها التي تتعامل معها». بدوره، أكد الدكتور أحمد آل مريع أن الأندية الأدبية «تقدم خدمة جليلة للمشهد الثقافي المحلي وللمبدع والمؤلف السعودي بالطباعة والنشر، وتتكلف في سبيل ذلك كثيراً من التعب والمال، فالطباعة لا تعني إحضار الكتاب، ولكن وراء ذلك تحكيمه ومراجعته ومتابعة تصويبه وإخراجه، ثم توزيعه بعد ذلك». وأضاف أن نادي أبها الأدبي كان يعاني سابقاً من ضعف التوزيع وضعف وحضور الكتاب محلياً وعربياً، «لذلك رأى مجلس الإدارة الحالي، منذ أن بدأ العمل، تفعيل الشراكة مع إحدى الدور العربية المعروفة، وتحقق في تلك الشراكة عدد من المكتسبات نتيجة الشراكة، ومن أهمها خفض نسبة كلفة الكتاب الواحد على النادي، والاحترافية في خدمة الكتاب من حيث الإخراج والتنسيق والورق والتسويق. إضافة إلى خدمة الكتاب من حيث نشره على نطاق واسع في جميع المعارض المحلية والعربية والدولية. وفوجئ المؤلفون، الذين نشر لهم النادي بوجود كتبهم في مراكز تسويق عربية ما كان يمكن الوصول إليها من دون شراكة مع جهة محترفة». وأكد الدكتور آل مريع أن إنشاء دار لخدمة الكتاب فكرة مميزة، وكان تقدم بها مشدداً على إدارتها «بعقلية السوق، وأن تكون مساهمة وتسيطر الأندية في البداية على نسبة عالية منها، وكنت تقدمت بها في الاجتماع السابع إلى مجالس إدارات الأندية الأدبية المنعقد في المنطقة الشرقية، ومن وجهة نظري فإن استثمار كل ناد أدبي ومساهمته في هذا المشروع الربحي كفيل بانطلاقه، وسيكون مردوده المالي والمعنوي كبيراً على الأندية وعلى المشهد جميعاً».