أصدرت المحكمة الإدارية المصرية قراراً بحل «الحزب الوطني الديموقراطي» الذي ظل يحكم مصر 33 عاماً، ومصادرة جميع أمواله وممتلكاته وتسليمها الى الحكومة. وقالت المحكمة في أسباب الحكم إن «ثورة الشعب في 25 يناير الماضي أزاحت النظام السياسي القائم وأسقطته، وهو الأمر الذي يكون معه الحزب قانوناً وواقعاً قد أزيل من الواقع السياسي المصري، رضوخاً لإرادة الشعب». الحكم وجد ترحيباً واسعاً من قيادات سياسية وحزبية ونخب، واعتُبر نهاية حتمية وطبيعية بعد صدور أحكام بالسجن على رموز الحكم السابق، فضلاً عن أن استمرار وجود الحزب ربما خلق حالاً من القلق على الثورة وعبثاً بمسارها. البعض الآخر يرى أن إقصاء الحزب بقرار ثوري ولأسباب سياسية سيُنظر إليه على انه نوع من تصفية الحسابات والتشفي، وأن التعامل الأمثل مع الحزب هو ترك الأمر لتصويت الناس في الانتخابات المقبلة. ويرى فريق ثالث ان الحزب الوطني لم يكن حزباً بالمعنى السياسي، وهو استأثر بالساحة السياسية عنوة، وإقصاؤه بهذه الطريقة اجراء كان ينتظره الشارع المصري منذ تنحي الرئيس. لا شك في أن الحزب الوطني ساهم في إضعاف العمل الحزبي والسياسي في مصر وشرذمته. وهو صنع قانون الاحزاب الحالي، وباستثناء أحزاب «الوفد» و «التجمع» و «الناصري»، فإن بقية الأحزاب، التي وصل عددها الى قرابة 24 حزباً، هي جزء من مرحلة الحزب الوطني، التي أصبحت من الماضي. ولعل طرح فكرة معاودة النظر في الأحزاب القائمة، والدعوة الى تأسيس احزاب جديدة ومحدودة العدد، تستلهم المرحلة الجديدة، وتمثل توجهاتها، سيكون بمثابة نقلة حقيقية للعمل السياسي والحزبي في مصر. الأكيد أن «الوفد» هو الحزب الوحيد المنتمي الى مصر ما قبل ثورة 23 يوليو. وعلى رغم أن مرحلة الرئيس مبارك ضيّقت على هذا الحزب، وحاول النظام شق صفوفه وتشويه صورته، إلاّ انه ظل حزباً يمثل تيارات اجتماعية وليس توجهات سياسية. لهذا، فإن التفكير بحل الأحزاب واختصار عددها، يجب ان يستثني هذا الحزب العريق. أما بقية الأحزاب، بما فيها «الناصري» و «التجمع»، فإنها تنتمي الى مراحل سياسية وفكرية تجاوزتها مصر والمنطقة، وهي أصبحت بحاجة الى معاودة إنتاج نفسها، حتى لا تستمر في تعطيل الحركة السياسية في مصر.