طالب المجتمع الدولي مؤسساته المالية، في مقدمها صندوق النقد والبنك الدولي، بالمبادرة إلى مساندة الدول العربية لتلبية حاجاتها الإنمائية، معتبراً أن ما شهدته أجزاء من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أحداث في الشهور الماضية، سيكون له آثار اجتماعية واقتصادية بعيدة المدى تختلف من بلد إلى آخر. وأوصت لجنة التنمية، وهي لجنة وزارية تمثل المجتمع الدولي عبر مجلسي محافظي صندوق النقد والبنك الدولي في اختتام اجتماعات الربيع ليل أول من أمس، بأن تنخرط المؤسستان الدوليتان في تقديم الدعم بشكليه التمويلي والاستشاري للدول العربية على صعيد توفير فرص العمل والإدارة المالية والحوكمة وتنمية القطاع الخاص والمجالات الحيوية الأخرى. ودعت اللجنة في بيان بعد اجتماعها نصف السنوي، الذي ترأس أعماله وزير المال البحريني الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة، البنك (الدولي) إلى «تعزيز مساندته دولَ الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والعمل مع الحكومات والمنظمات المعنية المتعددة الطرف الإقليمية والثنائية». وأكد المدير العام لصندوق النقد دومينيك ستروس كان، في مؤتمر صحافي ليل أول من أمس، أن الصندوق الذي أرسل بعثتين «استكشافيتين» إلى مصر وتونس أخيراً، يمكن أن يقدم للدول العربية المعنية مباشرة بالأحداث التي تشهدها المنطقة منذ كانون الثاني (يناير) الماضي والدول العربية غير النفطية عموماً، قروض تمويل تصل قيمتها إلى 35 بليون دولار. وكشف أن أحداث المنطقة كانت موضع نقاش في لقاء جمع بين وزراء مال دول مجموعة السبع الكبرى ونظرائهم في بعض دول المنطقة على هامش الاجتماعات المشتركة للصندوق والبنك. ولم يفصح ستراوس كان عمّا دار في النقاش أو هوية وزراء المال العرب المشاركين، لكن وزيرة التخطيط والتعاون الدولي المصرية فايزة أبو النجا شدّدت في كلمة ألقتها أمام لجنة التنمية نيابة عن معظم الدول العربية، على أن أحداث المنطقة «تقدم للدول ومؤسسات التنمية الرئيسة مثل مجموعة البنك الدولي فرصة لإعادة النظر في منهجياتها». وقالت أبو النجا متحدثة باسم البحرين والعراق والأردن والكويت ولبنان وليبيا والمالديف وعمان وقطر وسورية والإمارات واليمن إضافة إلى مصر، إن «انتفاضات المنطقة تعطي مثالاً عملياً على أن مستوى الدخل في أي بلد ليس ضماناً لهشاشة الوضع الداخلي وتبعاته على المستويين الإقليمي والدولي». وأكدت أن الضمان الحقيقي «يكمن في توافر مؤسسات قوية وحوكمة مؤسسية قادرة على التعامل مع مكامن الضعف الداخلية والخارجية». وحضت مجموعة البنك الدولي على «الاستفادة من دروس المنطقة لا سيما الدور الحيوي الذي تضطلع به المؤسسات القوية في تلبية حاجات المواطنين وتأمين حوكمة رشيدة غير إقصائية، وإرساء دعائم العدل الاقتصادي والاجتماعي، وتشكل كلها دعائم ذات أهمية قصوى في ضمان الاستقرار واجتذاب الاستثمارات». وحدّدت المجموعة العربية في كلمة أبو النجا حاجاتها من مجموعة البنك الدولي، الذي «يحتاج إلى التركيز على مصادر الضعف مثل المؤسسات الضعيفة وهياكل الحوكمة ومعدلات الفقر والبطالة المرتفعة خصوصاً في صفوف الشباب والنساء ونقص إمدادات المياه والغذاء». وطلبت من البنك الدولي، إعداد استراتيجية موائمة متكاملة لمساعدة المنطقة، شأنها شأن المناطق الأخرى تبقى عرضة للتأثر بالصدمات الخارجية، ليس على بناء مؤسسات ذات كفاءة وتخضع للمساءلة فحسب، بل على صياغة سياسات لخلق فرص عمل خصوصاً للشباب والنساء، وكذلك تحسين البنية التحتية وتحقيق الاندماج الإقليمي. ولم تغفل أبو النجا الموضوع الذي سيطر في شكل كاد يكون مطلقاً على اجتماعات الربيع، والمتمثل وفق قول الوزيرة المصرية في «تصاعد أسعار السلع الذي يهدد الفقراء ونمو الاقتصاد العالمي، فضلاً عن تقويض التقدم المحرَز على صعيد تحقيق الأهداف الإنمائية». واعتبرت أن «تقلب أسعار السلع يذكرنا بضرورة استمرار الأمن الغذائي بنداً أولياً لنا جميعاً لا سيما تلك المناطق المعتمدة في شكل كبير على استيراد المنتجات الغذائية مثل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا».