وجه وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف انتقادات حادة لسياسات صندوق النقد الدولي في مواجهة التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي خاصة فيما يتعلق بتداعيات الأزمة المالية، وقال أمام وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية في 187 دولة عضوا في صندوق النقد والبنك الدوليين خلال اجتماعات اللجنة النقدية والمالية الدولية التابعة لصندوق النقد الدولي بواشنطن أمس: «على الرغم من أن الرقابة تمثل ركنا أساسيا في عمل الصندوق إلا أن النتائج الواردة في تقرير مكتب التقييم المستقل عن الصندوق تظهر بعض القصور في أدائه الرقابي»، داعيا إلى تكاتف الدول الأعضاء لتعزيز مفاهيم الرقابة المالية وتكريس قيم الشفافية. وتطرق العساف إلى آليات عمل الصندوق والبنك الدوليين وضرورة إصلاح النظام النقدي العالمي، وأشار إلى أن النظام النقدي الحالي أثبت مرونته خلال الأزمة المالية العالمية لكنه قال: «تعزيز استقرار النظام النقدي العالمي يتطلب المزيد من التعاون الدولي في هذا المجال». وفيما يتعلق بدعم الصندوق للدول منخفضة الدخل ذكر أن مساعدة صندوق النقد الدولي لهذه البلدان تمثل عاملا مهما في مواجهة تحديات سياسات الاقتصاد الكلي التي تعترض هذه الدول في المرحلة المقبلة وهو ما دفع أعضاء الصندوق إلى إصدار بيان يدعو لتعزيز الدعم المالي لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وجاء في بيان للجنة التنمية وهي الهيئة السياسية التي تلعب دورا استشاريا للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي أن «الأحداث الأخيرة في بعض أجزاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سيكون لها تداعيات اجتماعية واقتصادية دائمة، لكنها مع ذلك ستختلف من بلد إلى آخر» فيما أشادت الدول الأعضاء «بالتدخلات السريعة ونصائح مجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وخصوصا دعم البرامج والاستراتيجيات في مجالات العمل وشبكات الحماية الاجتماعية وإدارة الميزانية والحوكمة وتطوير التنمية في القطاع الخاص، كما في مجالات جوهرية أخرى». وتجاوب رئيس الجلسة وزير المالية السنغافوري ثارمان شانموجاراتنام، مع رؤية العساف وقال: «لا يزال هناك شعور حول الطاولة في جميع مناقشاتنا بأننا في وضع هش إلى حد ما». وأضاف «علينا أن نكون حذرين للغاية، لكننا أيضا بحاجة إلى تطوير قدرات الصندوق على التصدي للمخاطر واستباق السيناريوهات المحتملة التي يمكن أن تتحول إلى مشكلة، وعلى الدول اتخاذ الإجراءات المبكرة لمنع حدوث أزمة رئيسية أخرى». فيما دعت وزيرة التعاون الدولي المصرية فايزة أبو النجا إلى «إعادة النظر» في آليات عمل الصندوق والبنك الدوليين. أما رئيس صندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس فحذر من إغفال البعد الاجتماعي والمخاطر الجديدة على الرغم من التعافي الاقتصادي الذي تحقق أخيرا على مستوى العالم، وقال في ختام الاجتماعات التي تعقد مرتين في كل عام للبنك وصندوق النقد الدوليين: «إن النمو الاقتصادي وحده لا يكفي»، أما رئيس البنك الدولي روبرت زوليك فحذر من ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأشهر المقبلة من العام الجاري، والتي اقتربت من مستوياتها المرتفعة في عام 2008 ووصفها بأنها «أكبر تهديد اليوم للفقراء في العالم». من جانبه حذر رئيس منظمة التجارة العالمية باسكال لامي من أن جولة الدوحة لتحرير التجارة المستمرة منذ نحو عشرة أعوام تواجه خطر «الانهيار النهائي» بسبب الخلاف بين أمريكا والصين بشأن التعريفات الجمركية على السلع الصناعية، وقال: «المحادثات تعثرت ولا يوجد سبيل لكي تمضي قدما». وفي ختام الجلسة قالت اللجنة النقدية والمالية الدولية التي تحدد التوجهات السياسية للصندوق أن الانعكاسات الاقتصادية الفورية للأحداث المأساوية في اليابان والتطورات في بعض دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تتطلب اهتماما خاصا متوقعة أن تسجل الدول العربية المستوردة للنفط في 2011 نموا نسبته نحو 2 % وهو معدل غير كاف مقارنة بنموها السكاني في ظل الأسعار المرتفعة للمواد الغذائية والطاقة .