في كل مرة يحل فيها «المطر» زائراً على مدينة جدة يكتشف سكانها ومسؤولوها قضايا فساد كبيرة، فالمطر هو الشاهد والمتهم في ما يحل بها على مدار السنوات الثماني الماضية، إذ قتل أكثر من 100 شخص وشرد الآلاف من سكانها، فضلاً عن الأضرار في الممتلكات العامة والخاصة. مطر جدة يخبرنا عن قضايا فساد منتشرة في المدينة بين الرشوة والمدعومة بالنفوذ وإساءة استغلال السلطة والتلاعب بالمال العام واختلاسه وتبديده وحتى الغش التجاري حاضر في قضايا فساد مطر جدة، والتي يدفع ثمنها سكانها وحدهم، ما يعطيهم حقوقاً قانونية في رفع قضايا ضد المتسببين بهذه الكوارث في حال لحقهم الضرر مباشرة، كما أن النيابة العامة بحسب قانونيين تحدثا إلى «الحياة»: هي الجهة المخولة بالتحقيق وتوجيه الاتهام للمسؤولين عما حل بالمدينة من دمار. وحدد القانونيان أن المتهم الرئيس في كارثة جدة الأخيرة، التي حدثت (الثلثاء) الماضي، هي أمانة مدينة جدة باعتبارها المعنية بتنفيذ مشاريع تصرف مياه الأمطار، التي تجمعت في الطرقات والشوارع والأنفاق متسببة في وفاة أربعة أشخاص. وقال المحامي منصور الخنيزان ل«الحياة»: «ما حدث في كارثة جدة الأخيرة يوم (الثلثاء) الماضي هو تجمع لمياه الأمطار، التي لم تجد قنوات لتصرفها والمسؤول الأول عما حدث هي أمانة جدة باعتبارها هي المناط لها بتنفيذ مشاريع تصريف مياه الأمطار». مشيراً إلى أن مهمة توجيه التهم والتحقيق تقع على عاتق النيابة العامة، وزاد: «إضافة إلى النيابة العامة يحق للجهات المتضررة والأفراد تحريك قضايا ودعوات خاصة ضد المتسببين لهم بالإضرار التي تعرضوا لها». فيما أشار إلى أن القضايا التي يمكن للنيابة العامة توجيها لمتسببين في حدوث أضرار الأمطار الواقعة بعد نزول الأمطار الأخيرة تشمل المساس بالمال العام، والفساد الإداري، وهذا من اختصاص المحكمة الجزائية والتي يتم تحويل المتهم إليها». واستطرد بالقول: «كما تشمل القضايا فساداً مالياً، وجهة اختصاص النظر في تلك القضايا (الرشوة) هي المحكمة الجزائية». وعن العقوبات، التي يمكن أن تشمل المتسببين في الكارثة، أشار الخنيزان إلى أنها عقوبات تعزيرية يخضع تقديرها للقاضي ناظر القضية، وفي الغالب تكون الأحكام مغلظة بين سجن، وجلد أو كلاهما، إضافة إلى دفع التعويض للمتضررين سواء حق عام أم خاص». في سياق متصل، أكد المحامي الدكتور إبراهيم الأبادي في حديثه ل«الحياة» أن ما حدث في جدة من غرق الشوارع والأنفاق ومداهمة المياه المنازل وغرق السيارات وحدوث وفيات، تعد من قضايا الفساد، وتشمل عدداً من القضايا، هي: قضايا الرشوة والمتاجرة بالنفوذ، وإساءة استعمال السلطة، والإثراء غير المشروع، والتلاعب بالمال العام واختلاسه أو تبديده أو إساءة استعماله، وغسل الأموال، والجرائم المحاسبية، والتزوير، وتزييف العملة، والغش التجاري وغيرها. وأشار إلى أن ظاهرة الفساد ظاهرة مركبة تختلط فيها الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية ولذا تتعدد أسباب نشوئها، ومن هذه الأسباب عدم اتساق الأنظمة ومتطلبات الحياة الاجتماعية وضعف الرقابة، لافتاً إلى أن للفساد آثاراً سلبية عدة، أهمها التأثير السلبي في عملية التنمية فينحرف بأهدافها ويبدد الموارد والإمكانات، ويسيء توجيهها، ويعوق مسيرتها، كما يضعف فاعلية وكفاية الأجهزة، ويتسبب في خلق حالة من التذمر والقلق. وبين أن البلديات والأمانات، وكذلك الوزارات والهيئات، تخضع رقابياً إلى ديوان المراقبة العام، إضافة إلى النيابة العامة والتي تدخل ضمن اختصاصها تأديب الموظفين بالمملكة بما نصه مع عدم الإخلال بسلطة الجهة الإدارية المعينة في الرقابة وفحص الشكاوى والتحقيق يخص هيئة الرقابة والتحقيق، إذ إنه مناط بها إجراء الرقابة اللازمة للكشف عن المخالفات المالية والإدارية، وفحص الشكاوى التي تحال إليها من الوزراء المختصين أو من أية جهة رسمية مختصة عن المخالفات المالية والإدارية، وإجراء التحقيق في المخالفات المالية والإدارية التي تكشف عنها الرقابة، وفي ما يحال إليها من الوزراء المختصين أو من أية جهة رسمية مختصة، وأخيراً متابعة الدعوى القضائية المحالة إلى المحكمة التي تتعلق بالفساد سواء إدارياً أم مالياً أم سوء استعمال للسلطة. وقال: «حدد النظام السعودي عدداً من العقوبات الصارمة في ما يخص جرائم الفساد بشتى أنواعها، ومنها الرشوة والتزوير والغش وإساءة استخدام السلطة والمتاجرة بالنفوذ، والإثراء غير المشروع، والتلاعب بالمال العام واختلاسه أو تبديده أو إساءة استعماله، وغسل الأموال، والجرائم المحاسبية، والتزوير، وتزييف العملة، والغش التجاري، تتراوح ما بين السجن والغرامات المالية». وأردف قائلاً: «يعاقب النظام السعودي كل موظف عام طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته أو يزعم أنه من أعمال وظيفته ولو كان هذا العمل مشروعاً يعد مرتشياً ويعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز 10 سنوات وبغرامة لا تزيد على مليون ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين». وأضاف: «كل موظف عام أخل بواجبات وظيفته بأن قام بعمل أو أمتنع عن عمل من أعمال تلك الوظيفة نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة يعد في حكم المرتشي ويعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد عن مئة ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين».