يتوجه أكثر من 13 مليون ناخب مغربي إلى صناديق الاقتراع الجمعة المقبل لانتخاب أعضاء المجالس البلدية والقروية، في ثاني اقتراع من نوعه منذ تولي الملك محمد السادس مقاليد الحكم في البلاد. ومع اقتراب ساعة الصفر، زادت المخاوف من تراجع نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع، رغم خفض سنّ المترشحين إلى 21 سنة والناخبين إلى 18 سنة. وإن كانت مصادر رسمية توقعت أن تزيد نسبة الإقبال على 40 في المئة في مقابل تدنيها إلى 27 في المئة في الانتخابات التشريعية التي جرت في خريف العام 2007. وعزت ذلك إلى ارتباط المنافسات بتدبير الشؤون المحلية ذات الارتباط المباشر بالهواجس اليومية للمواطنين في النقل والسكن وتجهيز المرافق الأساسية والخدمات وجلب الاستشارات وتكريس اللامركزية. واعتبر أكثر من مراقب أن التحدي الكبير في اقتراع الجمعة يكمن في تحقيق نسبة عالية من المشاركة، بصرف النظر عن خيارات الناخبين الموزعة بين أكثر من 30 حزباً ومترشحين مستقلين في دوائر تزيد على 27 ألفاً، بعدما تم الاتفاق ضمناً على تخصيص 12 في المئة من المقاعد للنساء، فيما كانت النسبة بلغت 10 في المئة في الانتخابات التشريعية السابقة. ودافع رئيس الوزراء زعيم حزب «الاستقلال» عباس الفاسي عن الطابع المحلي للاقتراع في مواجهة منتقديه، خصوصاً حزب «الأصالة والمعاصرة» الذي أعلن سحب دعمه للحكومة عشية بدء الحملات الانتخابية. وقال الفاسي في مهرجان خطابي إن من يريد أن يحاسب الحكومة «عليه أن يفعل ذلك في 2012» موعد نهاية ولاية البرلمان. وحذّر من استخدام موقع الملك في الدعاية للمترشحين، قائلاً: «إياكم أن يأتي من يقول إنه حزب الملك». وأمعن في انتقاد «الأصالة والمعاصرة» مضيفاً: «لم نعد نواجه شراء أصوات الناخبين، وإنما شراء النواب والمستشارين». وفهم أن كلامه موجه إلى «النواب الرحّل» الذين التحقوا بالحزب الجديد الذي أسسه الوزير السابق المنتدب في الداخلية فؤاد عالي الهمة القريب من الملك. في غضون ذلك، قدم مرشحون شكاوى من أعمال عنف وندّدوا باستخدام الأموال للتأثير على الناخبين. وذكرت صحيفة «الاتحاد الاشتراكي» أمس أن «ميليشيات مسلحة بالهراوات والعصي اعتدت على مرشح الحزب في دائرة في بن سليمان»، وأن مترشحاً آخر في مراكش تعرض إلى الاعتداء. واتهمت «المحسوبين القدامى والجدد على مطبخ الإدارة» بالتورط في هذه الاعتداءات. من جهته، اعتبر زعيم حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي عبدالإله بن كيران ظاهرة الاتجار بأصوات الناخبين «بيعاً للنفس والأهل والوطن». ورأى أن الانتخابات المقبلة مناسبة ل «إعلان الحرب على الفساد وهدر الأموال»، مؤكداً أن ذلك «واجب شرعي». غير أن مصادر تحدثت عن إحالة القيادي السابق في الحزب عمدة مكناس أبو بكر بلكورة على القضاء باتهامات تتعلق بأدائه في منصبه، وهو تطور لافت في خضم الحملات الانتخابية التي تصاعدت وتيرتها. ورهن مراقبون حدوث تغيير كبير في خريطة تدبير المجالس المنتخبة بقدرات الفاعليات السياسية على استقطاب المناصرين، غير أن ذلك لن يكون له تأثير كبير على خريطة الولاية البرلمانية الممتدة حتى العام 2012، لكن من دون استبعاد أن يعرف مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) بعض التغيير، كون ثلث أعضائه سيتم انتخابهم في ضوء نتائج اقتراع الجمعة، وكذا انتخابات غرف التجارة والصناعة والزراعة والمركزيات النقابية، ضمن ما يعرف بمنافسات «الناخبين الكبار»، وإن كان أكثر من حزب سياسي دعا إلى معاودة النظر في دور وصلاحيات الغرفة الثانية في البرلمان في سياق إصلاحات دستورية تعزز مهمات رئاسة الوزراء وفصل السلطة وتكريس النظام الجهوي. غير أن التحالفات التي تقود نحو تشكيل مكاتب المجالس البلدية والقروية لا تخضع بالضرورة لالتزامات الأحزاب السياسية، إذ أن منطق المعارضة والموالاة لا ينسحب على مثيله داخل الجماعات المنتخبة التي تضم بدورها موالين ومعارضين، لكن خارج التحالفات الحكومية.