في كتاب حمل عنوان «الانفجار»، أكد باتريك ستيفانيني، المدير السابق لحملة الانتخابات الرئاسية الفرنسية الأخيرة لمرشح اليمين فرنسوا فيون، ما لمسه كثيرون من كذب وطموح مفرط في شخصية فيون، واللذين كبداه هزيمة مدوية في معركة الرئاسة التي أجريت قبل نحو ستة أشهر. وبعدما رسّخ الإصرار والتعنت، اللذان أبداهما فيون خلال حملته الانتخابية التي واكبتها فضائح متلاحقة، صورةً بالغة السلبية عنه لدى الفرنسيين، وحتى أولئك اليمينيين، شكَّل كتاب ستيفانيني الذي يسرد كواليس الحملة الانتخابية لفيون، ما يمكن وصفه بأنه «شهادة شاهد من أهله» ضمن تصفية الحسابات العنيفة الدائرة في الصفوف المبعثرة لليمين المبعثر، من أجل تبرير الانطباع السلبي الذي تولد عند الناخبين عبر الحملة. وكان ستيفانيني الذي ارتبط بعلاقة وثيقة مع الرئيس السابق جاك شيراك ورئيس الوزراء السابق ألان جوبيه، فاجأ أوساط حزبه بقراره العمل مع فيون لمدة ناهزت أربع سنوات، قبل أن يستقيل في أوج الحملة الانتخابية في 3 آذار (مارس) الماضي، وذلك قبل أيام معدودة على المهرجان الشهير الذي عقده فيون حين كان مهدداً بملاحقات قضائية في ملف الوظائف الوهمية لزوجته بينيلوب وولديه، والذي نتجت منه أنباء مثيرة للاشمئزاز عن حب فيون المال والكسب السهل. وكشف ستيفانيني في كتابه، الذي صدر عن دار «روبير لافون» وأعده بالتعاون مع رئيسة القسم السياسي في مجلة «لو نوفيل أوبسرفاتور»، أن فيون أخفى عنه قضية توظيف زوجته، والتي علِم بها خلال غداء مع رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه الذي أخبره بطرح أشخاص أسئلة حول حقيقة الوظيفة الوهمية قبل أن تتحول من خلال معلومات كشفتها صحيفة «لوكانار أنشينيه» إلى «بينيلوب غيت». وخلال سرد ستيفانيني وقائع مهرجان تروكاديرو الذي واكبته تكهنات عن احتمال عدول فيون عن ترشيحه للرئاسة بعدما طغت الفضائح على برنامجه الانتخابي، كتب أن فيون استبدل الخطاب الذي كان يفترض أن يتلوه وأعده له إيغور متروفانوف المقرب منه، بآخَر كتبه المحامي فرانسوا سورو واتسم بلهجة تعبوية وبإصرار على المضي في الحملة على رغم الفضائح. ويشير ستيفانيني إلى ان سورو شخص أقرب إلى اليسار من اليمين، وصاغ بنفسه أسس حركة «إلى الأمام» التي أنشأها الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، وحققت انتصاراً ساحقاً في الانتخابات. وروى ستيفانيني أن فيون قدم مبلغ 300 ألف يورو إلى الرئيس السابق نيكولا ساركوزي الذي كان مديناً بهذا المبلغ لحزبه «الجمهوريون» وواجه ضائقة مالية بسبب ارتفاع كلفة حملته للانتخابات التمهيدية لليمين، ما يفسر تردد ساركوزي في الدعوة إلى تنحي فيون عن حملة الرئاسة لمصلحة شخص يملك حظاً أوفر في كسبها هو ألان جوبيه. وكتب ستيفانيني أيضاً أن رجل الأعمال روبير برجي، أرسل خلال الحملة الانتخابية شيكاً إلى مقر حزب «الجمهوريين»، فبادر إلى تحذير فيون من أن برجي قريب من ساركوزي، فرد الأخير: «لدي علاقات جيدة مع برجي وسأتدبر الأمر». لكن برجي نفسه وجّه لاحقاً ضربة عنيفة إلى فيون عندما أبلغ وسائل إعلام بأنه أهداه طقمين رسميين من أفخر متاجر الملابس بقيمة 13 ألف يورو. وكان فيون قرر قبل أيام الانسحاب من الحياة السياسية والعمل في القطاع الخاص، ما يعني أن كتاب ستيفانيني الذي يثير الكثير من الجدل في الوسط السياسي والإعلام يكاد يكون «إطلاق نار على ميت».