انتقلت حملة الانتخابات الرئاسية الفرنسية إلى مرحلة جديدة بإعلان مرشح حزب «الجمهوريين» اليميني رئيس الحكومة السابق فرانسوا فيون أن القضاء استدعاه مع زوجته بينيلوب للمثول أمامه في 15 الشهر الجاري، من أجل توجيه تهم إليهما في ملف شغل زوجته وولديه وظائف وهمية طوال عقود. وأكد أنه سيُلبي الاستدعاء من دون سحب ترشيحه «لأنني لن أستسلم». وفي حملة لا سابق لها، اتهم فيون القضاء بارتكاب «جريمة سياسية». وقال في مقر حملته الانتخابية بباريس بحضور شخصيات من حزبه وصحافيين: «منذ البداية لم يعاملني القضاء كمطلوب عادي، وواضح أن استدعائي للتحقيق اغتيال سياسي، خصوصاً أن موعده محدد عشية المهلة الدستورية المحددة لتقديم الترشيحات الرئاسية». وشدد على أنه لم يختلس المال العام، وقال: «جرى انتهاك دولة القانون، واختفى مفهوم قرينة البراءة بالكامل»، مشدداً على أن «الاغتيال لا يستهدفني، بل الانتخابات الرئاسية»، ما دفع الرئيس فرانسوا هولاند إلى الرد قائلاً: «أرفض أي تشكيك في استقلال القضاء، وأن تكون (فيون) مرشحاً رئاسياً فذلك لا يخولك التشكيك في عمل الشرطة والقضاة، أو الإدلاء باتهامات خطرة جداً ضد النظام القضائي ومؤسساتنا عموماً». وكان لافتاً تعليق المرشح إيمانويل ماكرون على المشكلات القضائية لمنافسَيه فيون ومارين لوبن زعيمة حزب الجبهة الوطنية التي ترفض الخضوع لتحقيق قضائي في ملف شغل مديرة مكتبها وحارسها الشخصي وظائف وهمية في البرلمان الأوروبي باعتبارها أحد نوابه، قائلاً: «أفهم من اقتراح فيون ولوبن وقْفَ عمل القضاء موقتاً أنهما يريدان ذلك لمجرمين وجناة، إذ لا يجوز أن يقتصر وقف عمل القضاء على فئة معينة». كذلك، ندد المرشح الاشتراكي بنوا آمون ب «الحدة غير المعقولة» لتصريحات فيون، فيما أسف مرشح اليسار جان لوك ميلانشون لوضع اليمين الذي «كان يستحق مرشحاً لائقاً أكثر». وانسحب الوزير السابق برونو لومير من فريق الحملة الرئاسية لفيون «لأنه لم يلتزم كلمته بالانسحاب إذا استدعي للتحقيق، وهو أمر ضروري للصدقية السياسية». وكان فيون اتصل بالرئيس السابق نيكولا ساركوزي ورئيس الحكومة السابق آلان جوبيه اللذين خسرا أمامه أيضاً في الانتخابات التمهيدية ل «الجمهوريين»، قبل إعلان استمرار ترشحه للرئاسة، وهو موقف لا يرتبط فقط بعناده السياسي، بل بإدراكه أن انسحابه قد لا يكون مجدياً لحزبه، في ظل إصرار ساركوزي على تقويض فرص أي مرشح للرئاسة، خصوصا إذا كان جوبيه. ويراهن فيون على انهيار الزخم الذي يواكب ترشيح ماكرون الذي يعتبر أن تقدمه عليه في استطلاعات الرأي لا يستند إلى أرضية فعلية وصادر عن أطراف وأوساط متضاربة. كما يراهن على إمكان إعادة تفعيل حملته والارتقاء بها وصولاً إلى مواجهة لوبن في الدورة الثانية للانتخابات، خصوصاً أن أوساطاً يسارية تعتبره صاحب برنامج فعلي ورجل دولة صاحب تجربة كبيرة.