عكس المهرجان الانتخابي الذي نظمه حزب «الجمهوريين» اليميني الفرنسي أمس، لدعم مرشحه للرئاسة فرنسوا فيون، صورة وحدة أسرته السياسية والتفافها حوله، على رغم الصخب الذي أثارته قضية «بنيلوب غيت» التي اتُهمت فيها زوجته بنيلوب بشغل وظيفة وهمية. وطغى المهرجان اليميني على الدورة الثانية من الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح الحزب الاشتراكي للرئاسة. وواكب وصول فيون برفقة زوجته إلى قاعة المهرجان في «بورت دولا فيليت» تصفيقاً حاراً، كما هتف الحضور باسم «بنيلوب» عندما كانت تصافح وزوجها كبار مسؤولي اليمين. وظهرت على تلك السيدة علامات التأثر البالغ، إذ إنها لم تعتد على الظهور في مثل هذه المناسبات العلنية. وكان يُفترض أن يشكّل هذا المهرجان إطلاق حملة فيون الرئاسية، لولا ما كشفته صحيفة «لوكانار انشينيه» الأربعاء الماضي عن تقاضي زوجته مبلغاً يُقدر بحوالي 600 ألف يورو، بصفتها معاونة برلمانية لزوجها وكاتبة في مجلة «لي دو موند»، ويُشَك في أنها وظائف وهمية. هذا النبأ سرعان ما قوّض حملة فيون الذي تمسك ب «النزاهة»، بينما فتحت النيابة العامة المالية تحقيقاً أولياً، جعل كل الأنظار تنصبّ على بنيلوب، خصوصاً أنها قالت دائماً إنها ربة منزل ولا شأن لها بنشاط زوجها السياسي. واحتدم الجدل في شأن هذه القضية الى حد ارتفاع أصوات طالبت بانسحاب فيون من السباق الرئاسي. وترددت في أوساط اليمين الفرنسي، أسماء بدلاء محتملين لفيون، الأمر الذي رفضه الأخير بإصرار، مؤكداً أن في وسعه أن يثبت أن زوجته شغلت الوظيفتين فعلاً، وأنه يواجه حملةً هدفها النيل منه، لكنه صامد وعازم على شق طريقه نحو الرئاسة. وقال فيون بنبرة قوية، أمام حوالى 15 ألف شخص حضروا المهرجان تقدمهم رئيس الحكومة السابق آلان جوبيه الذي هُزم في انتخابات اليمين التمهيدية، إنه لا يمكن أن يرضخ للترهيب وأن زوجته كانت إلى جانبه منذ البداية «على درب السياسة الشاق والطويل» وأنه بنى سيرته معها. وعبّر فيون عن حرصه على رد الاعتبار لزوجته وما لحق بسمعتها، فقال: «أثاروا فضيحة لتحطيمي. مَن يريد مهاجمتي عليه أن يهاجمني مباشرةً، ولكن ليتركوا زوجتي خارج هذه المعركة». وزاد: «أمامكم جميعاً أقول لبنيلوب إني أحبها ولن أغفر أبداً للذين أرادوا رمينا للذئاب»، شاكراً الحضور على تأييدهم وتضامنهم. ونجح فيون في إنقاذ حملته من حيث الشكل، إذ بدا متضامناً بقوة مع زوجته وأنه يتمتع بدعم أسرته السياسية على رغم أن بعض مواقفه لا تحظى باجماع «الجمهوريين». أما في الجوهر فإن الأمر يبدو متروكاً للقضاء، وأيضاً للرأي العام، علماً أن عريضة حملت حتى الآن أكثر من 160 ألف توقيع تدعو فيون إلى إعادة الأموال التي تقاضتها بنيلوب. أما على صعيد الانتخابات التمهيدية للاشتراكيين، فيبدو أنها أدت إلى فوز الوزير السابق بونوا هامون على رئيس الحكومة السابق مانويل فالس في ظل نسبة إقبال بلغت 21 في المئة وفاقت الدورة الأولى التي أجريت الأحد الماضي، ما عكس مزيداً من التعبئة لمؤيدي الحزب الاشتراكي. ويضع هذا الفوز هامون أمام مهمة تبدو عسيرة وتقضي بتوحيد جناحيه «اليساري الراديكالي» الذي دعمه و «اليساري الليبرالي» الذي دعم منافسه فالس، ما يقلّص حظوظه في انتخابات الرئاسة، إذ تشير التوقعات إلى أن الاشتراكيين سيكونون أكبر الخاسرين كائناً مَن كان مرشحهم. وبقي الرئيس الفرنسي الاشتراكي فرانسوا هولاند الذي عدل عن ترشيح نفسه لولاية ثانية، بعيداً من انتخابات حزبه الداخلية، الأمر الذي وصفه البعض ب «الازدراء وعدم الاكتراث لمصير حزبه المزعزع بسبب سوء أدائه خلال عهده».