تحدثت موسكو للمرة الأولى رسمياً عن احتمال تقليص حجم القوات الروسية في سورية خلال المرحلة القريبة القادمة. وقال رئيس هيئة الأركان العامة الروسية فاليري غيراسيموف، إن هذا الموضوع مطروح للدرس، من دون أن يوضح تفاصيل أخرى. وجاء التطور بعد مرور يوم واحد على إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال قمة جمعته مع نظيريه التركي رجب طيب أردوغان والإيراني حسن روحاني في سوتشي أن الجزء النشط من العمليات العسكرية في سورية يقارب على الانتهاء. وكانت أوساط روسية أشارت في وقت سابق إلى احتمال تقليص حجم الوجود العسكري في سورية من دون أن يؤثر ذلك على الوجود الدائم في قاعدتي «حميميم» و «طرطوس» والمنشآت الأخرى التي تنتشر فيها وحدات عسكرية روسية. ورداً على سؤال حول هل يجب انتظار تقليص المجموعة العسكرية الروسية في سورية انطلاقاً من البيان المشترك لقمة سوتشي، قال غيراسيموف: «أجل، على الأغلب سيحدث ذلك». في موازاة ذلك، أعلنت الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا أن نية واشنطن عدم سحب قواتها من سورية بعد القضاء على الإرهابيين أمر يطرح الكثير من الأسئلة حول الأهداف الحقيقية لتواجد القوات الأميركية في سورية. وقالت الناطقة: «وزير الدفاع الأميركي يوم 13 تشرين الثاني (نوفمبر) قال بكل صراحة إن العسكريين الأميركيين لن يغادروا سورية قبل حدوث تقدم في التسوية السياسية. والشروط التوصل لها، كما نعلم، ستحددها الولاياتالمتحدة بشكل تعسفي. لقد أشرنا إلى واشنطن أن هذه التصريحات تثير تساؤلات كبيرة حول الأهداف الحقيقية للقوات المسلحة الأميركية وقوات التحالف في سورية». وأضافت: «يفعلون ذلك ليس فقط من دون إذن أو دعوة من دمشق... بل وبانتهاك إرادة الحكومة الشرعية في سورية. في الواقع، فإنهم يتصرفون بشكل قريب من مفهوم الاحتلال». كما اعتبر فلاديمير شامانوف رئيس لجنة مجلس «الدوما» الروسي لشؤون الدفاع، أن نية واشنطن الاحتفاظ بقواتها في سورية بعد تطهيرها من «داعش» سوف يعرقل التسوية السورية في ما بعد الحرب. وفي حديث للصحافيين، قال شامانوف: «إذا ما أردنا توصيف النوايا الأميركية بلغة سهلة ومفهومة، فهي ليست إلا وقاحة من العيار الثقيل، وهم بذلك، أي الأميركان، ينتحلون شخصية صاحب الشقة». وأضاف أن التسوية في سورية في مرحلة ما بعد القضاء على الإرهاب، سوف تبقى رهناً لجملة من العوامل ولممارسات القوى الثالثة، أي الولاياتالمتحدة. وبرزت أمس، تفاصيل عن نقاط خلافية نوقشت خلال القمة الثلاثية في سوتشي، إذ أعلن الكرملين أن روسيا تدرك طبيعة تحفظات تركيا بشأن مشاركة بعض القوى السورية في «مؤتمر الحوار الوطني السوري» الذي تم التوافق على تنظيمه خلال المرحلة المقبلة، وذلك في إشارة إلى اعتراض أنقرة على دعوة «وحدات حماية الشعب الكردية» التي تعتبرها أنقرة منظمة إرهابية. وقال الناطق الرئاسي ديمتري بيسكوف إن «موسكووأنقرة تقومان بعمل على هذا الاتجاه»، موضحاً: «نحن على علم بأن هناك بعض التحفظات لدى شركائنا الأتراك بخصوص بعض القوى التي يعتبرونها تشكل خطراً على الأمن القومي (التركي)، ولكن ذلك لا يعني أنه لن يكون هناك عمل مشترك بهذا الخصوص». وأكد بيسكوف أن «مؤتمر الحوار الوطني» السوري «سيعقد في أقرب وقت»، مشيراً في الوقت ذاته، إلى أنه «من السابق لأوانه الحديث عن تشكيل لجنة لإعداد مسودة الدستور في سورية». وأشار إلى أنه من الضروري الآن أن يعمل الخبراء بشكل دقيق على التوافق على قائمة المشاركين في الحوار الوطني السوري، مضيفاً أنه بعد إتمام ذلك «سنتوقع عقد هذا المؤتمر هنا في سوتشي». وأكد أن «قائمة المشاركين يجب أن تكون شاملة إلى أقصى قدر، لأن معادلة قابلة للحياة من أجل التسوية السياسية لا يمكن ضمانها إلا بمشاركة أكبر عدد ممكن من الأطراف السورية». وشدد على أن هناك «موقفاً واضحاً»، وتوافقاً روسياًوتركياً وإيرانياً على أن «المؤتمر سيعقد في أقرب وقت». في الأثناء، أعلنت الخارجية الروسية أن المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا سيجتمع اليوم مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. بعد جولة محادثات يجريها مع وزير الدفاع سيرغي شويغو. وينتظر وفقاً لنائب وزير الخارجية غينادي غاتيلوف، أن تتصدر التحضيرات للجولة الثامنة من المفاوضات السورية التي قد تجري في جنيف الأسبوع المقبل، لقاءات دي ميستورا مع المسؤولين في موسكو، إضافة إلى مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي ينتظر أن ينعقد مطلع كانون الأول (ديسمبر) في مدينة سوتشي الروسية.