أكد وزير المالية محمد الجدعان أن الدولة تسعى إلى تطوير عمليات إصدار الصكوك خلال العام المقبل من خلال إصدار منتجات في متناول المستثمرين الصغار والمواطنين في شكل عام، ليكون ذلك تشجيعاً على الادخار؛ فيما أشار إلى أن الوزارة سددت 98 في المئة من مستحقات المقاولين بالكامل، خلال فترة لا تتجاوز 60 يوماً من تاريخ التقدم، فيما بقي اثنان في المئة من المبالغ لم تسدد، لوجود خلاف بين الجهة الحكومية صاحبة العمل والمقاول في التنفيذ، أو لوجود أوامر قضائية توقف السداد، لافتاً الى أن بإمكان المقاولين إرسال أية وثائق تثبت أحقيتهم باستخدام البوابة الإلكترونية للوزارة. وأوضح الجدعان، على هامش مؤتمر «بحوث التمويل الإسلامي» أمس، في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، عدم صحة ما أثير أخيراً عن زيادة التحويلات المالية إلى خارج البلاد نتيجة الحملة على الفساد، مشيراً إلى أن التحويلات لم تتعدَّ الحد الطبيعي، لافتاً إلى أن هدف هذه الإشاعات إشاعة أجواء من الخوف لدى التجار والمستثمرين، موضحاً أن الحملة كانت محددة بأشخاص ثبت تورطهم في عمليات فساد ولم تستهدف أحداً آخر. كما أكد أن سعر الريال لم يتأثر مطلقاً بحملة الفساد التي تقوم بها الدولة، أو بالتوتر الذي افتعلته ايران، لافتاً الى ان قوة الريال مدعومة برصيد قوي من العملات ومن ثقة التعامل به محلياً ودولياً. وأوضح أن التعديلات التي تمت على برنامج التوازن الاقتصادي جاءت على خلفية تحسن الوضع الاقتصادي للمملكة، إذ رأت الوزارة أن الوضع الاقتصادي يسمح بالتدرج في رفع الدعم عن أسعار الطاقة والوقود أو التريث في أسعار الكهرباء، ولذلك فقد اتخذ قرار بتمديد الفترة الى ميزانية 2022 أو 2023 م بدل 2020م. ولفت الجدعان الى أن التمويل الإسلامي صناعة مهمة تنمو في شكل متسارع بدعم من مختلف الجهات الحكومية، مؤكداً اهميتها البالغة للاقتصاد الوطني، بعد ان طرحت الدولة صكوكاً متعددة خلال هذا العام، آملاً بتطور طرح الإصدارات لتكون في متناول المستثمرين الصغار والمواطنين قريباً. وافتتح وزير المالية، صباح أمس (الأحد)، المؤتمر العلمي الثاني لأبحاث التمويل الإسلامي، الذي تنظمه جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، بمشاركة عدد من باحثي التمويل الإسلامي من جامعات عالمية، بهدف رفع مستوى البحوث والدراسات النظرية والتطبيقية في اقتصاديات التمويل الإسلامي. وأكد الجدعان النقلة النوعية التي تشهدها المملكة، من خلال رؤية 2030، مشيراً إلى إصلاحات مالية واقتصادية هيكلية شاملة قامت بها الحكومة، من خلال برامج تحقيق الرؤية، ومنها برنامج تحقيق التوازن المالي، وبرنامج تطوير القطاع المالي، الذي يهدف إلى رفع مساهمة القطاع المالي في الاقتصاد الوطني من خلال تمكين المصارف والمؤسسات المالية من تلبية حاجات القطاعات الاقتصادية، وبناء سوق مالية متقدمة وجاذبة للاستثمار. وأضاف أن هذه الإصلاحات الاقتصادية ستسهم في رفع كفاءة الإنفاق، وتنويع مصادر الإيرادات الحكومية، ودعم قاعدة الإيرادات غير النفطية، والاستمرار في ضبط أوضاع المالية العامة. وأضاف أن الحكومة، ممثلةً بوزارة المالية، قامت، بنهاية 2015، بإنشاء مكتب إدارة «الدين العام» بمثابة إحدى مبادرات التحول الوطني، مشيراً إلى أن أهم الأعمال التي قام بها المكتب إنشاء برنامجين للصكوك في هذا العام مرتبطين باستراتيجية الحكومة لإصدار الدين، لتمويل عجز الموازنة، ولتطوير سوق أدوات الدين بالمملكة. وأضاف أن أحد هذين البرنامجين دولي بمسمى «برنامج إصدار الصكوك الدولية»، وتم طرح صكوك دولية بالدولار الأميركي في الأسواق الدولية المرة الأولى باسم حكومة المملكة العربية السعودية بقيمة 9 بلايين ريال لآجال خمس وعشر سنوات، كما تم إنشاء برنامج محلي باسم «برنامج إصدار الصكوك بالريال السعوي»، وتم طرح ثلاثة إصدارات حتى الآن لآجال خمس وسبع وعشر سنوات بقيمة 17 بليون ريال، و13 بليوناً، و7 بلايين ريال، على التوالي. ونعمل على انتظام تلك الإصدارات السيادية وتنزيع مدد استحقاقاتها من أجل إيجاد مؤشر قياسي للسوق، ومن أجل أن يكون مرجعاً للمؤسسات المالية والشركات في تسعير إصداراتهم. وأضاف إننا ماضون في تطوير سوق الدين المحلية، إذ سبق أن تم تسجيل بيانات ما تم إصدارة من أدوات الدين العام، ومنها الصكوك في مركز إيداع الأوراق المالية التابع للسوق المالية السعودية «تداول» وسيتبعه إدراج أدوات الدين القابلة للتداول في منصة تداول، وتعيين متعاونين أوليين بمثابة صناع للسوق في سوق الصكوك المحلية، ومحاولة الوصول إلى قاعدة أكبر من المستثمرين، وتطوير نظام المزاد لتسعير الصكوك، إلى جانب العمل على وضع آلية لبيع الصكوك للأفراد، وخفض قيمتها الاسمية لتكون في متناول صغار المستثمرين وتشجيعهم على الادخار. وقال إن التمويل الإسلامي وما يتضمنه من مميزات هيكلية وآليات مناسب جداً لتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تعد مصدراً مهماً جداً للنمو الاقتصادي والمالي في العالم، ومع ذلك فإن نسبة ما تحصل عليه من التمويل من القطاع المصرفي لا يتعدى اثنين في المئة من مجموع القروض، في حين يتعدى ذلك ما نسبته 33 في المئة متوسطياً في بعض الدول المتقدمة، ولعل في هذا فرصة واضحة ليغطي التمويل الإسلامي هذه الفئة المهمة التي توفر كثيراً من الفرص. وقال إنه على رغم النمو السريع والمطرد للخدمات المتوافقة مع الشريعة على مستوى العالم، فإنها تواجه كثيراً من التحديات والعقبات التي تعرقل مسيرتها وتحتاج إلى عمل دؤوب للتغلب عليها من المهتمين والباحثين، ومن أهم تلك التحديات صغر حجم المؤسسات المالية الإسلامية، والحاجة إلى تأسيس مؤسسات مالية ضخمة ذات مراكز مالية قوية وصلبة، كالمصارف الإسلامية، وشركات التكافل الإسلامي للتأمين، وغيرها. وأشار إلى أنه لا توجد أدوات كافية لإدارة السيولة في المدى القصير لدى المؤسسات المالية الإسلامية، ما يحد من قدرة المصارف المركزية على تنفيذ سياساتها النقدية لإدارة السيولة في الأنظمة المصرفية، التي تشرف عليها. وهناك ضرورة لتطوير السوق النقدية للمنتجات والخدمات المالية المتوافقة مع الشريعة، لتتمكن المصارف الإسلامية من إدارة السيولة بطريقة مهنية وفاعلة. وأشار إلى نقص أو ندرة في أعداد المهنيين المؤهلين للعمل لدى المؤسسات المالية الإسلامية وتقديم الخدمات والمنتجات الإسلامية، ما يتطلب تأسيس المعاهد والأكاديميات المتخصصة التي تعنى بالتأهيل والتدريب، والمزيد من الاهتمام من المؤسسات المالية الإسلامية لتخصيص موارد إضافية لتمويل تدريب وتأهيل الكفاءات. وتطرق إلى قلة الأبحاث الإسلامية العملية ذات الجودة العالمية، والحاجة إلى زيادة النشاط في مجال البحث والابتكار، وتوفير الأدوات المالية المتوافقة مع الشريعة لخدمة الصناعة المالية الإسلامية. السلطان: تتعاظم مكانة التمويل الإسلامي عالمياً أوضح مدير جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور خالد السلطان، أن المؤتمر يمثل خطوة مهمة على صعيد تعظيم المكانة العالمية للتمويل الإسلامي، الذي شهد تطوراً كبيراً خلال فترة قصيرة، وهو ما يجعل الاهتمام بهذه الصناعة أمراً مهماً وملحّاً، وقال إن تنظيم جامعة الملك فهد للبترول والمعادن المؤتمر يوفر له أرضية مناسبة للنجاح، ويدفع صناعة التمويل الإسلامي إلى آفاق جديدة من التقدم، كما أن الجامعة تتمتع بإمكانات وخبرات مميزة في التمويل الإسلامي، ممثلة بأقسام الدراسات الإسلامية والمالية والاقتصادية، وقال إن الجامعة أنشأت مركز التميز للدراسات المصرفية والتمويل الإسلامي، الذي يقدم برامج وأنشطة تساعد في تطوير مجال المصرفية والتمويل الإسلامي، وتحقيق التنمية المستدامة للمصرفية الإسلامية، ونسعى إلى أن يكون هذا المؤتمر والفعاليات المماثلة خطوة على طريق تحقيق أهداف المركز. وألقى رئيس الشؤون الشرعية ببنك «ساب»، الراعي الرسمي للمؤتمر، علي القحطاني كلمة أكد فيها أن إقامة مثل هذا المؤتمر والتفاعل الذي يجده من مؤسسات القطاعين الحكومي والخاص خير شاهد على الاهتمام بتطوير ودعم صناعة المالية الإسلامية وإثرائها بالأبحاث، التي تناقش أبرز مواضيعها المعاصرة ومعالجتها لتسريع حركة نموها. وذكر وكيل الجامعة للدراسات والأبحاث التطبيقية رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر الدكتور سهل عبدالجواد أن المؤتمر، الذي تنظمه كلية الإدارة الصناعية ومركز التميز البحثي للدراسات المصرفية والتمويل الإسلامي بالجامعة، يناقش 14 ورقة علمية تم اختيارها من بين 145 ورقة علمية تم تقديمها للمؤتمر من جامعات مختلفة حول العالم، منها 40 رسالة دكتوراه من طلاب في جامعات مختلفة في أنحاء العالم.