أعلن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي عزمه «اتخاذ إجراءات للحؤول دون حدوث أي تدهور اقتصادي أو تراجع في سعر العملة الوطنية، حتى ولو كان يبدو بعضها «قاسياً أو صعباً»، في إشارة إلى قرار وشيك برفع الدعم عن المشتقات النفطية. وبرّر هادي في خطاب له في مناسبة العيد الوطني ال 24 أمس، قراره الذي حسم به الجدل الدائر منذ فترة في الشارع اليمني، بمعالجة «تراكمات سنوات طويلة من السياسات الاقتصادية الخاطئة ومن الفساد الذي استشرى في كل مرافق الدولة وأجهزتها». ورأى أن كل ذلك «يحتاج إلى الوقت والصبر والثقة المتبادلة بين القيادة والشعب»، مؤكداً: «بذلنا جهدنا في التخفيف من معاناتكم، كما لن نعمل إلا من أجل المصلحة الوطنية العليا». وصارح هادي شعبه بالصعوبات الكبيرة التي يواجهها اليمن على الصعيد الاقتصادي خلال السنوات الماضية والتي ازدادت حدة هذه السنة. وتعهّد الشروع في عدد من الإجراءات ومواصلة بعضها الآخر، إذ أمر الحكومة باستمرار العمل على استكمال نظام البصمة والصورة في الأجهزة المدنية والعسكرية والأمنية، بهدف إنهاء الازدواج الوظيفي وإلغاء الأسماء الوهمية، معتبراً أن ذلك «سينعكس إيجاباً على الوضع عموماً». ووجّه الرئيس اليمني بزيادة «الربط المقرّر هذه السنة على الإيرادات الجمركية والضريبية واتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بتحقيقه وتحسين مستوى كفاءة التحصيل والحد من التهرّب الضريبي والجمركي». ولفت إلى أن الجهاز التنفيذي لاستيعاب أموال المانحين «سيبدأ العمل الجدي بقيادته الجديدة بعدما استكمل بنيته الإدارية». وأقرّ بأن الموازنة العامة «تواجه عجزاً في الموارد المالية، إذ يذهب جزء كبير منها إلى دعم المشتقات النفطية، كما أن هذا العجز في الموازنة ناتج من عوامل أخرى، أهمها الاعتداءات المتكرّرة على خطوط أنابيب النفط الذي أدى إلى انخفاض كمية الصادرات النفطية». وأعلن أن «الموارد النفطية هي المصدر الرئيس للعائدات المالية في موازنة الدولة، كما أن تحصيل الإيرادات الضريبية والجمركية ليس بالكفاءة المطلوبة ولا يتناسب مع حجم النشاط التجاري والاقتصادي القائم، وهي تشكل المورد الثاني للموازنة بعد النفط». إذ أشار إلى أن «ظاهرة التهرّب الضريبي والتهريب الجمركي لا تزال بمعدلات مرتفعة على رغم الجهود الإيجابية الملموسة أخيراً في مكافحة التهريب». وكشف هادي عن «سبب مهم يحول دون تمكن الحكومة من تحقيق الوفر المطلوب للسوق من المشتقات النفطية، ويتمثل بالحرص على عدم استنزاف الاحتياط النقدي في شرائها». إذ أن بدء اقتطاع قيمة المشتقات من الاحتياط «سيؤدي إلى استنزاف نصف قيمته حتى نهاية العام الحالي، ما سيفضي إلى ارتفاع العملة الأجنبية وانخفاض قيمة العملة الوطنية». وأشار إلى أن الأعمال الإرهابية «تسببت ولا تزال في هروب الاستثمارات الخارجية، وتوقف السياحة وما كانت تمثّله من مصدر دخل لآلاف الأسر العاملة في هذا القطاع وللعملة الصعبة. كما تسببت الأعمال الإرهابية في عزوف أصحاب رؤوس الأموال المحلية عن التوسع في نشاطاتهم الاستثمارية». وتحدث عن «الذين يستغلون الدعم المالي الذي تقدمه الدولة لأسعار المشتقات النفطية، فيعملون على تخزينها وتهريبها خارج الحدود ليحققوا أرباحاً خيالية نتيجة بيعهم لها بالأسعار العالمية». وكان مجلس النوّاب هدّد بسحب الثقة من «حكومة الوفاق الوطني» بعد استجوابها للمرة الأولى في تاريخ الحكومة والمجلس، مشترطاً تقديم معالجات «مقنعة» خلال الأسبوع المقبل للأزمة الاقتصادية والانفلات الأمني ومعاناة اليمنيين اليومية من انقطاع الكهرباء، وعدم توافر المشتقات النفطية وتردّي مستوى الخدمات الصحية والتعليمية، وانتشار الفساد في مؤسسات الدولة كافة. وأقرّ بعد الاستجواب الذي استمر ثلاثة أيام، تشكيل لجنة من رئيس وأعضاء هيئة رئاسة المجلس ورؤساء الكتل البرلمانية للأحزاب والتنظيمات السياسية والمستقلين الممثّلين في المجلس ورؤساء اللجان الدائمة في المجلس مع رئيس الوزراء محمد سالم باسندوة والوزراء المعنيين للجلوس معاً السبت المقبل، لإيجاد الحلول للاختلال والانفلات الأمني ولمشكلة الشح في المشتقات النفطية، وتقديمها ونتائجها للمجلس خلال يومين.