دعا مسؤولون في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي اليمن إلى إجراء مزيد من الإصلاحات لضمان حصوله على حصته من المساعدات الدولية، منوّهين في الوقت ذاته ب «الخطوات المهمة التي اتخذتها الحكومة اليمنية لمعالجة عجز الموازنة والازدواج الوظيفي». وقال مستشار الصندوق لشؤون الشرق الأوسط وآسيا الوسطى خالد صقر، «إن اليمن تبنى سياسات مالية جيدة منذ 2011 بدعم من الجهات المانحة، ما أدى إلى انتعاش اقتصادي». وأضاف صقر في بيان، «شملت الخطوات الرئيسة التي اتخذها اليمن توحيد أسعار الديزل واتخاذ قرار بإنشاء نظام جديد لمحاربة الازدواج الوظيفي في المؤسسات العامة»، لكنه شدد على ان اليمن يحتاج مزيداً من الإصلاحات على الأقل لحماية المكاسب التي تحققت حتى الآن». وأوضح ان اليمن كان من أوائل الدول العربية التي حصلت على مساعدات من صندوق النقد بقيمة 94 مليون دولار عام 2012 من خلال التسهيل الائتماني السريع. ولفت مستشار صندوق النقد إلى ان اليمن يعتمد إلى حد كبير على الموارد النفطية الآخذة في الانخفاض، فضلاً عن الاعتداءات المتكررة على منشآت النفط والغاز، ما انعكس على الإيرادات النفطية التي تساهم بنحو 70 في المئة من الموازنة العامة. وقال ان اليمن، «ما زال يواجه تحديات رئيسة أخرى، تشمل الإنفاق غير الملائم، مثل دعم أسعار المشتقات النفطية الذي يؤثر مباشرة في الخدمات الاستثمارية والأساسية الشحيحة والتهرب الضريبي». وأضاف ان «20 في المئة من إيرادات البلاد تذهب إلى قطاعين، هما رواتب الموظفين بما فيها رواتب لموظفين وهميين، ودعم المشتقات النفطية، في حين ان دعم المشتقات النفطية لا يساعد في الحقيقة الفقراء بل الأغنياء، كما ان ذلك الدعم يشجع على التهريب». وأكد مسؤولون في صندوق النقد خلال الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد التي عقدت أخيراً في واشنطن، ان اليمن يحتاج موارد كافية لتلبية متطلبات التنمية خصوصاً التي تخدم الشريحة الأفقر في البلاد، معتبرين في الوقت ذاته أنه يمكن تحقيق هذه الموارد من خلال نمو اقتصادي مناسب أولاً ومساعدة الجهات المانحة ثانياً. وقال مستشار صندوق النقد «هذا البلد يجب ان يساعد نفسه أولاً لأن مساعدات المانحين عادة تتدفق تدريجاً، وفي بعض الحالات تمر عبر عملية معقدة، تتضمن شروطاً يفرضها بعض المانحين لتقديم المساعدات». وأكّد ان المجتمع الدولي يعطي الأولوية لليمن، ولن يتركوه وحده في مواجهة مشاكله، عازياً هذا الاهتمام إلى كون المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المانحة يدعمون العملية الانتقالية الجارية حالياً في اليمن لإدراكهم أنها تساعد على إرساء أسس للاستقرار السياسي والاقتصادي. وكانت نائب المدير الإداري لصندوق النقد نعمت شفيق أكدت حرص صندوق النقد والبنك الدولي على مواصلة العمل مع الحكومة اليمنية على مدى السنوات المقبلة لتصويب وضع الاقتصاد اليمني ووضعه في الطريق الصحيح. وقالت شفيق: «تلقى اليمن مساعدات وسيواصل تلقي المساعدات، لكن الوضع في البلاد يتطلب بذل مزيد من الجهود لمعالجته». وشدد البنك الدولي على ان التعافي الاقتصادي في اليمن ما زال ضعيفاً، على رغم ان التقديرات تشير إلى ان الاقتصاد اليمني قد نما بنحو 2.4 في المئة عام 2012 بعد انزلاقه إلى هوة الكساد في عام 2011 وانكماش إجمالي الناتج المحلي نحو 12.7 في المئة. وأظهرت أحدث التقارير التقويمية للاقتصاد اليمني الصادرة عن البنك الدولي ان عجز الموازنة اتسع ليصل إلى 6.2 في المئة من إجمالي الناتج المحلي عام 2012، في حين انخفض عجز الحساب الجاري إلى نحو واحد في المئة فقط من إجمالي الناتج المحلي. وأكد البنك الدولي في التقرير «ان ثلاث منح نفطية من السعودية قيمة كل منها بليون دولار، ساعدت في استقرار أوضاع الاقتصاد اليمني الكلي في شكل عام، إلا ان تحسن الآفاق الاقتصادية سيتوقف على مدى التقدم المحرز على الصعيدين السياسي والاقتصادي، واستمرار دعم المانحين، وتنفيذ الإصلاحات الحاسمة الأهمية». وتشير التقديرات إلى ان معدلات الفقر في اليمن ارتفعت من 42 في المئة من السكان في 2009 إلى 54.5 في المئة في 2012»، ونحو 45 في المئة من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي.