في خطوة يتوقع أن تحدث تغييراً دراماتيكياً في قواعد الوضع القائم (ستاتس كو) بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، تعهد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، أمام قادة المستوطنين، في اجتماع ليل الخميس- الجمعة، بإقامة مستوطنة «ي1» التي تفصل وسط الضفة عن جنوبها. وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أمس، أن نتانياهو أصدر أمراً بإخلاء التجمعات البدوية الفلسطينية كافة في المنطقة الواقعة بين القدس وأريحا تهميداً لإقامة المستوطنة المذكورة. وعارضت الولاياتالمتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، على الدوام، بناء هذه المستوطنة التي ستؤدي، في حال اكتمالها، إلى القضاء على آخر فرصة لإقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافياً، ذلك أنها تربط بين مستوطنة «معاليه أدوميم» شرق القدس بمستوطنة «متسبيه يريحو» بالقرب من أريحا في غور الأردن، ما يؤدي إلى الفصل بين وسط وشمال الضفة من جهة، وجنوبها من جهة ثانية، وعزل القدس كلياً عن بقية أجزاء الضفة. ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن نتانياهو، قوله، في اللقاء من قادة المستوطنين، أن التجمعات الفلسطينية الواقعة في هذه المنطقة هي «بؤر غير قانونية». وأقدمت السلطات الإسرائيلية في السنوات الماضية على هدم عدد من التجمعات الفلسطينية، المؤلفة من أكواخ وبيوت صفيح، في هذه المنطقة، لكن سكانها كانوا يسارعون إلى إعادة بنائها. وقدمت دول الاتحاد الأوروبي بيوتاً متنقلة لعدد من هذه التجمعات في محاولة لمساعدتهم على تعزيز وجودهم وبقائهم في أرضهم. وتبرعت مؤسسة إيطالية ببناء مدرسة لهذه التجمعات، أقامتها من إطارات الكاوتشوك، بسبب القيود الإسرائيلية التي تمنع إقامة مباني إسمنتية فيها. لكن السلطات أصدرت قراراً بهدم المدرسة. وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن نتانياهو أبلغ قادة المستوطنين بقراره «إخلاء سكان التجمعات البدوية ونقلهم إلى مدينتي أريحا وابوديس القريبتين. وأضافت الصحيفة: «ينص القرار على إخلاء كل المنطقة المحيطة بغلاف القدس بهدف تعزيز البناء الاستيطاني، وفصل القدس عن كل امتداد فلسطيني». ويرى كثير من المراقبين أن الحكومة الإسرائيلية تسعى في هذه المرحلة لاستغلال فترة رئاسة دونالد ترامب، لتمرير مخططات مؤجلة، ومنها إقامة هذه المستوطنة الاستراتيجية. ويبلغ عدد المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية 185 وحدة، إضافة إلى عشرات المستوطنات الصغيرة التي تسمى «البؤر الاستيطانية». ويبلغ عدد سكان المستوطنات أكثر من 750 ألف شخص، يتوقع أن يصل إلى مليون مستوطن بحلول عام 2020. وبموازاة ذلك تعمل الحكومة الإسرائيلية بخطوات متسارعة على حسم مصير مدينة القدس من خلال سلسلة إجراءات استيطانية وتشريعية. وبدأت ما تسمى اللجنة الوزارية لشؤون التشريع، أخيراً، البحث في قانون «القدس الموسعة»، الذي يستهدف ضم مستوطنات يهودية إلى القدس لرفع عدد سكانها اليهود على حساب العرب. وبحسب مشروع القانون المقدم من النائب يوآف كيش، فإن المستوطنات المرشحة للضم إلى القدس هي: معاليه أدوميم، بيتار عيليت، جفعات زئيف، أفرات وغوش عصيون. وترافق تقديم مشروع القانون هذا مع مشروع قانون قدمه الوزيران في الحكومة، نفتالي بينيت وزئيف الكين، لتغيير القانون الأساس على نحو يسمح للحكومة بأن تنقل في المستقبل مخيم شعفاط وبلدة كفر عقب من منطقة القدس لتقليص عدد السكان الفلسطينيين في المدينة التي تعتبرها إسرائيل «عاصمة الأبدية». وقدم مشروع آخر لفصل أحياء عربية عدة عن القدس. وعملت إسرائيل منذ احتلال القدس وضمها على زرع المدينة بالمستوطنين وتطويقها بالمستوطنات. ويبلغ عدد المستوطنين في القدس اليوم أكثر من 300 ألف مستوطن وهو ما يزيد قليلاً على عدد السكان الفلسطينيين البالغ 280 ألفاً. وأقامت السلطات جداراً يفصل أحياء فلسطينية عدة عن القدس يعيش فيها أكثر من مئة ألف مواطن. وقال الخبير في شؤون الاستيطان خليل توفكجي، إن الاستيطان في القدس يشكل 87 في المئة من مساحة المدينةالمحتلة. وأضاف: «وهناك مشروع للتخلص مما تبقى من سكان القدس من طريق فصل الأحياء، كما كانت قبل عام 1967». واضح أن إسرائيل اتخذت قراراً بالنسبة لفصل الأحياء التي ضمت بعد العام 67، للتخلص مما تسميه الخطر الديموغرافي» قال توفكجي. وقال أحد المحللين الإسرائيليين إن الحكومة الإسرائيلية تسرع إجراءاتها الاستيطانية في القدس قبل أن يطرح الرئيس الأميركي مشروعه الخاص للمفاوضات مع الفلسطينيين. وكثفت الحكومة الإسرائيلية من مشاريعها الاستيطانية بصورة لافتة منذ وصول ترامب إلى الحكم مطلع السنة. وذكرت حركة «السلام الآن» الإسرائيلية، في تقرير أخير، أن إسرائيل قدمت الشهر الماضي، خططاً إضافية لبناء أكثر من 1292 وحدة سكنية استيطانية في الضفة الغربية. وقالت حاغيت أوفران، المتحدثة باسم الحركة، إن الخطط تشمل «أنحاء الضفة الغربية كافة»، مشيرة إلى أن هذه الخطط وضعت في مراحل مختلفة من عملية التخطيط. وأقرت إسرائيل توسيع مستوطنات في قلب التجمعات الفلسطينية مثل البؤر الواقعة في قلب مدينة الخليل، (31 وحدة استيطانية، ومستوطنة «بيت إيل» المحاذية لمدينة رام الله، العاصمة الإدارية للسلطة (300 وحدة سكنية) والتي جمدت السلطات البناء فيها في السنوات العشر الأخيرة بسبب قربها الشديد من التجمعات الفلسطينية. وأعلن مسؤول إسرائيلي، أن السلطات تستعد للمصادقة على مشاريع استيطانية جديدة، مؤكداً أنه «ستتم الموافقة على 3736 وحدة سكنية في مراحل مختلفة من التخطيط والبناء». ولم يعط المسؤول جدولاً زمنياً أو يوضح طبيعة المشاريع الاستيطانية، ولكنه أشار إلى أن الوحدات الاستيطانية ستكون في أماكن مختلفة من الضفة الغربية، بما في ذلك مدينة الخليل ومستوطنتي «بيت إيل» و «ميغرون»، قرب رام الله. وفي تعقيب له على هذه القرارات، قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينه، إن «الاستيطان غير شرعي ومدان عربياً ودولياً ومخالف لقرارات مجلس الأمن، بخاصة القرار رقم 2334». وأضاف: «أن هذه الهجمة الاستيطانية تأتي في الوقت الذي تحاول إدارة ترامب، بذل الجهود وخلق الظروف التي تمهد لصنع سلام حقيقي»، مشيراً إلى أن «نتانياهو يتحدى العالم، وبخاصة إدارة الرئيس ترامب، من خلال إصراره على مواصلة الاستيطان». ويشمل المجال الحيوي للمستوطنات الإسرائيلية أكثر من نصف مساحة الضفة الغربية، وفق ما يقول الخبير في شؤون الاستيطان خليل التوفكجي. وأضاف: «على سبيل المثال، فإن مستوطنة معاليه أدوميم مبنية على مساحة 10 كيلومترات مربعة، لكن مخططها الهيكلي هو 35 كيلومتراً مربعاً». وأضاف: «مجالها الحيوي يصل إلى البحر الميت». «السلام الآن» تخشى مصادرة مزيد من الأراضي القدس - أ ف ب - أعربت منظمة «السلام الآن» الإسرائيلية المعارضة للاستيطان عن قلقها من رأي صدر عن المستشار القانوني للحكومة يمكن أن يفتح الطريق لاستملاك مزيد من الأراضي الفلسطينية في الأراضي المحتلة. وفي رأي قانوني نشر الأربعاء، رأى مستشار الحكومة افيشاي ماندلبليت أن إسرائيل يمكن في بعض الظروف، أن تستملك أراض خاصة فلسطينية لمصلحة مستوطنات إسرائيلية في الأراضي المحتلة. وتتمتع آراء المستشار بصلاحية في تفسير القانون وهي تلزم الهيئات الحكومية. وأكدت المنظمة ومراقبون أهمية الرأي الذي صدر الأربعاء والمناقض لمواقف سابقة تمنع مصادرة أراض خاصة فلسطينية لمستوطنات. وقالت «السلام الآن» في بيان: «لدينا الانطباع بانه (المستشار) يحاول ازالة آخر عقبة قانونية (واخلاقية) من طريق السرقة والاستملاك» لأغراض استيطانية. ويعتبر المجتمع الدولي المستوطنات غير شرعية سواء أقيمت بموافقة الحكومة الإسرائيلية أم لا. ويعتبر الاستيطان العائق الأول أمام عملية السلام. وأصدر المستشار القانوني للحكومة رأيه بدعوة من وزيرة العدل ايليت شاكيد المدافعة عن الاستيطان التي طلبت منه إعادة النظر في رأيه غير المؤيد بالأساس لتشريع وضع طريق يقود إلى مستوطنة حرشا «العشوائية». ويعبر الطريق أراض فلسطينية خاصة ومنع حتى الآن تشريع المستوطنة نفسها. ورحبت وزيرة العدل بقرار ماندلبليت باسم الاعتراف بحقوق المستوطنين وقالت في بيان إنها ستواصل الدفع باتجاه إعادة النظر في مواقف سابقة غير مؤيدة للمستوطنين.