نيويورك - ا ف ب - كان المخرج سيدني لوميت، الذي توفي أول من أمس عن 86 عاماً، يفضِّل شوارع نيويورك على ستوديوات هوليوود، وقد أدخل في أفلامه كل غريبي الأطوار الذين تضمهم مدينته. قال لوميت لمجلة «نيويورك ماغازين» عام 2007، إن الممثلين في نيويورك «مختلفون تماماً» عن زملائهم في الساحل الغربي. وهو كان يعتبر ان عالم السينما في ساحل الولاياتالمتحدة الغربي صار نمطياً وغير ابتكاري، وتالياً لم يكن يعجبه. لذا، من غير الغريب ان يكون لوميت عكف، على غرار مارتن سكورسيزي، خلال مسيرته الفنية، التي أخرج خلالها 50 فيلماً، على تشريح الخليط المتفجر أحيانا الذي تشكله نيويورك. لكن في حين تناول سكورسيزي المدينة من زاوية الاميركيين من أصل إيطالي، فضَّل لوميت ان يتناول كل شرائح هذه المدينة وطبقاتها، فتبدو مدينة نيويورك شخصية بحد ذاتها في فيلم «سيربيكو» (1973)، وهو بوليسي من بطولة آل باتشينو في دور شرطي يواجه فساد زملائه. وتواصل ذلك مع فيلم «دوغ داي أفتر نون» عام 1976، مع آل باتشينو أيضاً، الذي يقوم بدور لص مثليّ الجنس يحاول السطو على مصرف في نيويورك. وقال لوميت لمجلة «تايم آوت» في نسختها اللندنية عام 2007، إن آل باتشينو في هذين الدورين «تعرّى كلياً من الناحية النفسية». وشكّل الفيلمان تجسيداً لتلك الفترة من سبعينات القرن الماضي، عندما كانت نيويورك على شفير الهاوية، فخزينة المدينة كانت تعاني من عجز كبير، والجريمة كانت منتشرة. ولد لوميت عام 1924 في فيلادلفيا، وكان والده ممثلاً ووالدته راقصة، فترعرع في عالم يتعايش فيه فنانون ممثلون ومغنون. وعلى مدى 15 عاماً مثّل في المسرح وفي الإذاعة، إلا ان التلفزيون هو الذي نقله الى ما وراء الكاميرا، من خلال إخراجه مسلسلات مثل «دانجر» و «يو آر هير»، لينتقل بعدها نهائياً الى السينما. الفيلم الاول الذي اخرجه عام 1957، «12 آنغري من»، كان من اكثر أعماله رسوخاً في الأذهان، فهنري فوندا لعب فيه دور عضو هيئة محلفين تتملكه الشكوك حول ذنب رجل يواجه عقوبة الإعدام. ومن البداية، تراءت احدى القيم التي سعى لوميت دائماً للدفاع عنها لاحقاً، وهي التسامح.