أصرّ جيش ميانمار على نفي ارتكابه تجاوزات في حق أقلية الروهينغا المسلمة التي فرّ أكثر من نصف مليون من أبنائها إلى بنغلادش منذ نهاية آب (اغسطس) الماضي. وأورد «تحقيق» داخلي نشره عشية زيارة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون البلاد، أن «الجنود لم يرتكبوا أعمال عنف جنسي في ولاية راخين (غرب)، ولم يقتلوا أو يعتقلوا أو يضربوا مدنيين، ولم يحرقوا مساجد». والتقى تيلرسون رئيسة وزراء ميانمار أونغ سان سو تشي على هامش قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) في العاصمة الفيليبينية مانيلا، وسيجتمع معها مجدداً في رانغون، وكذلك مع قائد الجيش الجنرال مين أونغ هلينغ، علماً أن الناطقة باسم الخارجية الأميركية كاتينا آدامز علّقت على إقالة جيش ميانمار قائد منطقة راخين الجنرال ماونغ ماونغ سو، بأن «الولاياتالمتحدة لا تزال قلقة جداً من استمرار ورود تقارير عن ارتكاب قوات الأمن في ميانمار ومسلحي اللجان الأهلية أعمال عنف وانتهاكات لحقوق الإنسان، وتطالب بمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات». وبعدما التقت سو تشي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في مانيلا، قال ناطق باسم المنظمة الدولية في إفادة قصيرة أن «الأمين العام أكد أهمية الجهود المبذولة لضمان وصول مساعدات وتأمين عودة آمنة طوعية ودائمة للاجئين، فضلاً عن حصول مصالحة حقيقية بين الطوائف». وتابع الناطق: «أكد غوتيريش ضرورة السماح بعودة مئات الآلاف من النازحين المسلمين الذين فروا إلى بنغلادش إلى بيوتهم». وخلال التقاط صور في بداية لقائها مع تيلرسون، تجاهلت سو تشي صحافياً سألها ما إذا كان الروهينغا «من مواطني ميانمار». وصرح رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بعد لقائه سو تشي، بأن «معاناة لاجئي الروهينغا مصدر قلق كبير لكندا وعدد كبير جداً من بلدان العالم، لذا نبحث دائماً عن طريقة لتوفير مساعدة، والسير قدماً في شكل يسمح بخفض العنف ويركز على حكم القانون ويضمن حماية جميع المواطنين». كذلك تعهد رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي بعد لقائه سو تشي تقديم قروض منخفضة الفائدة للبنى الأساسية وتمويل المشاريع الصغيرة التي تهدف إلى تحسين الدخل في ريف ميانمار. وأفاد الجيش في ميانمار بأن «التحقيق» استند إلى أكثر من 2800 شهادة لقرويين مسلمين جُمعت في ظروف لا يمكن التحقق منها، خصوصاً أن الصحافيين لا يمكن أن يتوجهوا في شكل مستقل إلى راخين، فيما حضر ضباط مقابلات أجراها صحافيون خلال رحلات قليلة جداً إلى المنطقة. ولا يقرّ الجيش إلا بإطلاق شرطيين النار على متمردين من الروهينغا هاجموهم في نهاية آب، مشدداً على أنهم «كانوا في حال دفاع مشروع عن النفس، وأطلقوا النار على أرجل المهاجمين»، من دون أن يتحدث عن عدد القتلى. وسخرت منظمة العفو الدولية من «تحقيق» جيش ميانمار، ووصفته بأنه محاولة «لتبرئة» جنوده، ودعت إلى السماح لمحققين من الأممالمتحدة وآخرين مستقلين بدخول البلاد. وقال مدييرها الاقليمي في جنوب شرقي آسيا والمحيط الهادئ جيمس غوميز: «يحاول جيش ميانمار مجدداً إخفاء انتهاكات جسيمة ضد الروهينغا، في وقت تتوافر أدلة ساحقة على قتل جنود اشخاص من الروهينغا وحرقه قراهم وتنفيذ عمليات اغتصاب». وأضاف: «بعد تسجيل أعداد لا تحصى من روايات الرعب واستخدام تحليلات الأقمار الاصطناعية لرصد الدمار المتنامي، لا نستطيع إلا استخلاص نتيجة واحدة هي أن الهجمات ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية».