الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) أندرس راسموسين تأسّف متأخراً لسقوط قتلى من المعارضة الليبية من طريق الخطأ، في غارة شنّها الحلف الخميس الماضي، على قوات المعارضة قرب أجدابيا شرق ليبيا. وجاء اعتذار راسموسين بعدما رفض الأميرال روس هاردينج القائد في قوات «الناتو» الاعتذار. وكان الأخير تحدث مدعياً انه يحمي المدنيين، وقال ان الحلف لم يكن على علم بأن قوات المعارضة صارت تستخدم الدبابات حتى قيامها بتلك الغارة. لم يقل هذا العسكري لن أعتذر عن قصف القوة، بل قال: «أبدي أسفي وحزني لمقتل 13 مواطناً». فهو اعتبر ان الكلام عن خطأ يمس الهيبة العسكرية للحلف. تباً لهذا الصلف. روس كان يدلّس. «الناتو» لديه كل المعلومات العسكرية عن نوعية أسلحة المعارضة وأماكن وجودها، وعن مراكز كتائب القذافي ومعسكراتها، وبشهادة المعارضة، فضلاً عن ان ارتكاب خطأ عسكري بهذا المستوى يعني عدم اكثراث الغارات الجوية التي يشنها الحلف بدقة المعلومات. والأسوأ ان الأميرال روس مارس استخفافاً فظاً، بحجة الجهل بالمعلومات الميدانية. الحادثة تشير بوضوح الى ان «الناتو» غير متفق على هدف الحرب. هل لديه مخاوف من الحكم المقبل في ليبيا، ولهذا يسعى الى المحافظة على موازين القوة بين القذافي والمعارضة حتى تتضح له الصورة؟ لا شك في ان الأسباب التي أوردها «الناتو» لوقوع هذه الغارة كذبة يصعب تصديقها. هل يمارس الحلف الحرب الجوية من اجل أهداف لا نعرفها؟ هل نحن أمام تكرار تجربة أميركا في العراق؟ هل المطلوب لحسم المعركة بين القذافي والمعارضة حصول «الناتو» على أحمد جلبي ليبي؟ حتى الآن ليس أمامنا إلا الشك في مهمة الغارات العنيفة التي يشنها «الناتو» على المدنيين الليبيين. فقوة الحلف الجبارة تستطيع حسم المعركة في ساعات، وتشل كل قوة كتائب القذافي، لكنها لم تفعل، متذرعة بأن القرار الأممي لا يخولها ذلك. لكن الحقيقة هي ان قيادة «الناتو» راغبة في استمرار سجال القوة بين القذافي والثوار لإرغام الليبيين على تقديم تنازلات محددة. الناتو يريد تفويضاً واضحاً باحتلال ليبيا ولهذا يتلكأ في حسم المعركة. الأكيد ان مهمة «الناتو» في ليبيا تستدعي دوراً عربياً للمساءلة. يجب عدم ترك دول «الناتو» تتمادى في تشكيل صورة ليبيا المقبلة.