نهشت جسده الأمراض، ثم حطمته الديون، وبين تلك المحنتين أحيل إلى التقاعد، فزادت أوضاعه سوءاً، خصوصاً المادية منها، إذ يعول أسرتين ولا يفي بمتطلباتهما. ولم يخطر في بال صالح بن مجيد، وهو العسكري المعروف بسيرته العطرة الذي حفلت مسيرته بعدد من المنجزات، أن يترك وحيداً فريسة للمرض يرزح تحت وطأة الديون والحاجة، ويعيش منعزلاً ومنغلقاً على نفسه في بلدة «مشاش جرود» الواقعة غرب منطقة القصيم. لم ينسَ صالح أنه كان عسكرياً حتى وهو يروي فصول معاناته، فظل محافظاً على رباطة جأشه: «أثقلت كاهلي الديون وتسببت في ما أقاسيه من حال نفسية سيئة، ويكفي أن تعلم أن الديون التي تحملتها في سبيل البحث عن العلاج تجاوزت ال 100 ألف ريال». ويضيف: «النظام واضح في ما يخص حالتي، ولذلك اضطرت اللجنة الطبية العليا للقوات المسلحة معها لإحالتي للتقاعد بعد خدمة 21 عاماً حققت خلالها إنجازات أمنية موثقة لدى إدارتي ويفخر بها أي عسكري»، مستدركاً: «لكني استبعدت أن يكون النظام الجامد هو من يقدر وضعي، ولذلك توقعت ألا يتم إغفال الجانب الإنساني في المسألة». ولا يخفي صالح أن معاناته زادت بعد أن أحيل إلى التقاعد، «أصبح راتبي التقاعدي لا يفي بسداد أقساط المصرف الذي اقترضت منه، خصوصاً في ظل متطلبات الحياة التي يأتي في مقدمها إعالة والديَّ الطاعنين في السن إضافة إلى عائلتي المكونة من خمسة أفراد». وتعتبر أفراح طالبة الثانوية العامة أن الظروف القاسية التي أحاطت بها وبوالديها أسهمت في تردي أوضاع الأسرة في شكل عام، مبدية استغرابها من الوضع الذي وصل إليه والدها، «كانت له إنجازات أمنية عالية المستوى، من ضمنها إسهامه في الكشف عن هوية أحد عناصر الفئة الضالة، ما أدى إلى القبض عليه». وتكشف أفراح أن المراجعات المتكررة للمستشفيات وكثرة الأسفار في سبيل البحث عن العلاج أرهقت والدها، «لا أظن أحداً سيتحمل مثلما تحمل والدي، فقد بحث عن العلاج في السعودية ومصر والأردن، وتحمل جراء ذلك الكثير من الديون، ولم يأذن الله له بالشفاء»، لافتة إلى أنه قد منع من قيادة السيارة وسماع الأصوات والمكالمات عن طريق الهواتف المتنقلة، كما نصح بالعلاج الطبيعي والتأهيل النفسي. وتتابع: «لم يتوقف الأمر على مرض والدي، فقد لحقت به والدتي فأصيبت بمرض نفسي يمنعها من البقاء في المنزل، وما زالت تعاني من هذا المرض على رغم تردد الرقاة عليها ومحاولتهم علاجها»، موضحة: «لا أبالغ إن قلت إن أسرتنا تشارف على الانهيار بسبب الأمراض وسوء الأوضاع المادية، فراتب والدي التقاعدي 3374 ريالاً يقتطع منه قسط القرض المصرفي، علاوة على قرض بنك التسليف البالغ 500 ريال وقسط شخصي كان والدي اقترضه من شخص يعرفه، ولا يتبقى من الراتب سوى 925 ريالاً لا تفي حتى بقيمة علاجه الشهري ولا تلبي متطلبات عيشنا أو دراستنا».