ردت إيران على حملة رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري عليها «لتدخلها السافر في الداخل العربي» وقوله: «لن نرضى أن نكون محمية إيرانية»، فاعتبر الناطق باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست أن هذه التصريحات «مثيرة للتفرقة ولا تصب في مصلحة لبنان». وأثار موقف الحريري الذي أعلنه في خطاب في افتتاحه «الملتقى الاقتصادي السعودي – اللبناني» في بيروت أول من أمس، جدالاً وأطلق مواجهة اعلامية – سياسية، بين معارضيه من «قوى 8 آذار» بعد أن رد عليه «حزب الله» متهماً إياه بأنه «يراهن على جعل لبنان محمية أميركية – إسرائيلية» وبين مؤيديه من «قوى 14 آذار» و «تيار المستقبل». وأفادت وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء بأن المتحدث باسم وزارة الخارجية قال في معرض تعليقه على التصريحات الأخيرة للحريري «إن اتخاذ موقف مخادع وفي إطار مصالح المحور الأميركي - الصهيوني لا تصب في مصلحة لبنان وإنما تهدد استقرار المنطقة واستقلالها». وقال إن على الحريري «أن يعرف أن معيار حكم الشعب هو احترام كرامة الشعب وشموخه واستقلاله، وتجنب التبعية للغرب وخصوصاً أميركا والصهيونية... ان شرط البقاء في الحكم هو احترام مطالب الشعوب وليس التبعية لنظام الهيمنة». وأضاف: «بلا شك فإن لبنان المقاوم أيضاً لم ولن يكون استثناء من هذه القاعدة». ورد المكتب الإعلامي للحريري ليلاً على الخارجية الإيرانية، فاعتبر أن «الاتهامات التخوينية الصادرة على لسان الناطق باسمها في شأن اندراج كلام الرئيس الحريري في إطار مصالح المحور الأميركي – الصهيوني، ما هي سوى هروب الى الأمام ومحاولة للتغطية على المشاكل الحقيقية بشعارات ممجوجة ومكررة بمناسبة أو من غير مناسبة». وأكد المكتب أن «المطلوب من النظام الإيراني، عوضاً عن تكريس وقته وجهده للرد على المسؤولين في لبنان والبحرين والعراق وفلسطين والكويت ومصر واليمن والمغرب والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، هو الكف عن التدخل في شؤون هذه البلدان وإثارة النعرات بين أبنائها والعودة إلى شروط حسن الجوار». وينتظر أن يتحدث الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله مساء اليوم من على شاشة «المنار» ورجحت أوساط الحزب أن يتناول موقف الحريري من إيران. وأعلن المكتب الإعلامي للحريري بعد ظهر أمس عن تأجيل زيارته التي كانت مقررة اليوم للقاهرة «الى موعد لاحق اتفق مع السلطات المصرية على تحديده لاحقاً بسبب أمر طارئ استجد على جدول أعمال رئيس المجلس العسكري المصري المشير محمد طنطاوي». وعلمت «الحياة» ان انشغالاً طرأ على طنطاوي أدى الى تأجيل موعد الحريري معه فيما بقيت مواعيده مع رئيس الحكومة عصام شرف ووزير الخارجية نبيل العربي ومسؤولين آخرين قائمة، إلا أن الحريري فضّل تأجيل الزيارة الى وقت لاحق للقاء جميع المسؤولين في زيارة واحدة. وسبق ذلك اتصال أجراه الحريري بملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة تناول فيه أوضاع اللبنانيين المقيمين في البحرين، الذين يجري وقف إجازات الإقامة الخاصة ببعضهم، بعد المواقف التي سبق أن أعلنها السيد نصرالله ضد الحكم البحريني. وقال المكتب الإعلامي للحريري إنه طلب من الملك حمد «عدم اعتبار أي موقف من أي تشكيل سياسي في لبنان موقفاً للدولة اللبنانية أو للشعب اللبناني اللذين يتمسكان بأفضل العلاقات الأخوية بين البلدين». وتمنى على القيادة البحرينية «عدم تعميم تداعيات مثل هذه المواقف المؤسفة على علاقة البحرين باللبنانيين القاطنين فيها...» ووعد الملك بإيلاء هذه المسألة عنايته. وعرض الحريري مساءً التطورات السياسية في اجتماع مع كتلة «المستقبل» النيابية. واعتبر تلفزيون «المنار» التابع ل «حزب الله» ليل أمس أن الحريري «أعلن الحرب» في موقفه حيال إيران، وبث تصريحات سابقة للحريري أشار فيها الى أن إيران «دولة صديقة». ورد رئيس الحكومة المكلف تأليف الحكومة نجيب ميقاتي على الحريري من دون أن يسميه، فاعتبر أن «من غير المفيد إعلان مواقف من مسؤولين لا تعكس موقفاً لبنانياً واحداً خصوصاً إذا كانت هذه المواقف تختلف عما سبق أن أعلنه المسؤولون أنفسهم في مناسبات سابقة وليست بالتالي موقف الدولة اللبنانية». وإذ استغرب رئيس الحكومة السابق سليم الحص «الحملة الشعواء» على إيران، داعياً الى وقفها وسائلاً «أي مصلحة في استعداء دولة إسلامية تأخذ جانب العرب»؟ فإن العديد من حلفاء «حزب الله» هاجموا الحريري. وانتقد رئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط في اتصال مع «المنار» موقف الحريري، وقال: «كفى هذه الخطابات النارية التي لا تخدم بشيء، فلنعد الى الحوار الهادئ، وحتى لو كان هناك خلافات بين بعض العرب وإيران، فالأفضل أن نبتعد بلبنان عن سياسات المحاور وأن نكثف الجهود لدعم الجبهة الداخلية ومعادلة الجيش والشعب والمقاومة». ومساء استقبل الرئيس ميقاتي وفد المشاركين في الملتقى السعودي – اللبناني الاقتصادي فتحدث عن «الاهتمام الخاص الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بلبنان والمبادرات الكريمة التي قدمتها المملكة للبنان وشعبه ووقوفها الدائم الى جانبه ولا يمكن اللبنانيين إلا أن يقدروها». وأكد أن المملكة العربية السعودية «قامت ولا تزال، بدور صمام الأمان على الساحات العربية والإسلامية والعالمية بالنظر الى التقدير الذي تحظى به، وهي، من خلال اتصالاتها وعلاقاتها الدولية وروابط الأخوة التي تجمعها مع اللبنانيين، قادرة على إيجاد الحلول التوافقية الملائمة لمشاكل المنطقة».