أكد المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس-كان أن تطورات الشارع العربي فرضت مراجعة داخل المؤسسة لجهة المؤشرات المعتمدة لتقويم الاقتصاديات الاقليمية، وبشكل أدخل عوامل جديدة الى المعادلة بينها معدلات النمو الشامل والتوزيع. واذ اعتبر ستراوس -كان أن أمام ليبيا وقت طويل قبل عودة الصادرات النفطية الى طبيعتها، نصح القيادة السورية باتخاذ خطوات تتعاطى مع الطبقة الأكثر هشاشة هناك. وقال ستراوس كان في ايجاز صحافي في مبنى صندوق النقد في واشنطن حضرته "الحياة" أن المنطقة تعيش "لحظة تاريخية تصحب معها مجموعة تحديات سياسية واقتصادية ". وتوقع أن "تعاني الدول المستوردة للنفط أكثر من غيرها" بسبب التطورات الأخيرة وبالمقابل أن يكون هذا العام جيدا للاقتصادات النفطية. واذ اعتبر ستراوس- كان أن حركة الشارع تدفع " الحكومات أن تقدم معونات للشعوب وخصوصا في وقت ترتفع فيه أسعار الغذاء والوقود" حذر من أن "هذا قد يزيد من التحديات لناحية ضبط الموازنة"، مفضلا استراتيجية توازن بين الاثنين (متطلبات الشعب والموازنة). وقال "بعض الموازنات يقارب 3 في المئة الناتج المحلي وهذا رقم ضخم." ونوه بأن تونس ومصر يعتمدان بشكل كبير على السياحة و"هذا القطاع شهد تراجعا كبيرا في الربع الأخير" ، موضحا أن الصندوق "لم يتلق أي طلب بالمساعدة من تونس ولا أتوقع هكذا طلب في الأيام أو الأسابيع المقبلة". ورأى المسؤول أن "الوضع جيد عموما للنظام المالي في تونس ، وبامكانها تحقيق عودة سريعة. " أما عن دور الصندوق، فقال ستراوس-كان، أن التركيز هو "على المساعدة التقنية والنصيحة في رسم السياسة... نحاول فهم الحاجات وتفادي المشاكل. "وقال أن مسؤول قسم الشرق الأوسط في الصندوق مسعود أحمد موجود اليوم في دمشق لاجتماع وزراء المال في المنطقة وحض على "تعاضد اقتصاديات المنطقة للمساعدة في ضخ النمو". وردا على سؤال ل"الحياة" عن الوضع في ليبيا وانعكاساته الاقتصادية، قال ستراوس-كان أن "ما يجري له تداعيات هامة على الاقتصاد، ومن الصعب تقويمه اليوم لأن هذا سيعتمد على المدة الزمنية وما ستحمله المرحلة المقبلة"، وأضاف "ان صادرات النفط انخفضت ولا أتوقع استئنافها سريعا حتى ولو اتضح الوضع السياسي، فسيكون هناك تأخير طويل قبل عودة الأمور الى طبيعتها." ونصح ستراوس-كان الرئيس السوري بشار الأسد " في اتخاذ خطوات لمساعدة الجزء الأضعف من السكان وليس بالضرورة اجراءات للجميع تكون ذات كلفة باهظة." وقي تصريح يعكس المراجعة الضمنية التي يقوم بها الصندوق قال ستراوس-كان أن الخطأ كان "أننا ركزنا كثيرا على الصورة الكلية للاقتصاد، ما تعلمناه من الأحداث حتى الآن بأن هذا لا يكفي هناك مشاكل عدم مساواة، وسوء توزيع ." وقال " يجب أن ننظر للمنطقة من حيث النمو وأن ما قد يزعزع الاستقرار ليس فقط وضع المصارف أو التضخم، أو العجز بل أمور تتعلق بالتوزيع ...أن النمو غير الشامل ليس مصدرا للاستقرار وما نتعلمه هو أن دور صندوق النقد تم تعريفه منذ عقد بالنظر الى مؤشرات تقليدية مثل النمو والتضخم ونوعين أو ثلاثة من العجز وأحيانا معدل البطالة، هذا وراءناا اليوم وننظر الى نمو شامل " ومؤشرات اخرى. وفيما نوه مدير الصندوق أن "هناك خطر في خروج مجموعات حمائية عن الثورات" استبعد أن تترجم هذه الاتجاهات"عمليا على أرض الواقع لأن معظم الحكومات والشعوب تفهم أن ما من حلول جيدة أو محلية في هذا الاتجاه " .