اتهمت الحكومة السودانية أمس إسرائيل بشن غارة جوية على سيارة مدنية في مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر في شرق البلاد، أدت إلى سقوط قتيلين، واعتبرتها محاولة لإحباط جهود شطب اسم السودان من اللائحة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، فيما التزمت تل أبيب الصمت رسمياً، وإن اعترفت صحفها بالعملية. وعُلم أن سودانياً يقيم في بورتسودان يتحدر من مجموعة تنشط في العمل التجاري في شرق البلاد استقبل ضيفاً ذي ملامح عربية قادماً من الخرطوم في مطار المدينة وتحركا بسيارة خاصة صغيرة نحو بورتسودان في الثامنة بالتوقيت المحلي ليل الثلثاء (الخامسة بتوقيت غرينتش). وفي الطريق، استهدفت سيارتهما طائرة وأطلقت صاروخاً واحداً أدى إلى تدمير السيارة. وتفحم الشخصان بصورة كاملة. وقال وزير الخارجية السوداني علي أحمد كرتي في مؤتمر صحافي في الخرطوم عقب محادثات مع المبعوث الرئاسي الأميركي الجديد إلى السودان برينستون ليمان: «لدينا أدلة تشير إلى أن الهجوم شنته إسرائيل. نحن متأكدون بالكامل من هذا، إلا أننا لا نعرف السبب... إسرائيل تردد مزاعم بأن السودان يدعم حركات إسلامية. هذا غير صحيح، وإسرائيل تحاول بتلك الادعاءات تبرير هجومها». ورأى أن «إسرائيل نفذت الهجوم لإفساد فرص رفع اسم السودان من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب». وأضاف أن «أحد القتيلين مواطن سوداني ليست له علاقة بالإسلاميين أو الحكومة». ورداً على سؤال عن هوية الضحيتين، أجاب: «لا نعلم من كانا». وتضاربت روايات المسؤولين عن كيفية وقوع الهجوم. وكانت الشرطة قالت إن صاروخاً أصاب السيارة قرب المدينة، لكن مسؤولاً حكومياً ذكر أن الهجوم نفذته طائرة أجنبية قادمة من البحر الأحمر. وكان مسؤولون أميركيون وسودانيون حملوا إسرائيل مسؤولية قصف قافلة في السودان في كانون الثاني (يناير) 2009 يعتقد بأنها كانت تحمل أسلحة إلى قطاع غزة، ما أدى إلى مقتل 39 شخصاً وتدمير 17 شاحنة. وتحدث وزير الدولة للنقل السوداني مبروك سليم حينها عن استهداف مهاجرين غير شرعيين ومقتل حوالى 800 شخص، وقال إن موكب سيارات يحمل أسلحة مهربة تعرض للقصف من طائرة مجهولة قرب الحدود السودانية - المصرية. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية وقتئذ عن مسؤولين لم تكشف هويتهم أن الطائرات الإسرائيلية أغارت على القافلة في إطار مساعيها لوقف تدفق الأسلحة إلى غزة أثناء الحرب الأخيرة التي شنتها على القطاع. ووفقاً لتقارير إسرائيلية، تعتبر هذه المنطقة في السودان منطقة لتهريب الأسلحة التي يتم شراؤها في الأسواق السوداء في اليمن والصومال وإريتريا. وفي حين التزمت إسرائيل الرسمية، كعادتها، الصمت إزاء هذه الاتهامات، أوحى انشغال وسائل إعلامها بالخبر بأنها تقف فعلاً وراء الهجوم. وتصدر الخبر النشرات والبرامج الإخبارية في الإذاعات الإسرائيلية التي استضافت محللين في الشؤون الاستخباراتية تحدثوا عن «قدرات رائعة» لمن نفذ الهجوم أول من أمس، مستذكرين قدرات جهاز «موساد» الإسرائيلي في أرجاء العالم. وجاء لافتاً أن الخبر تصدر العنوان الرئيس في كبرى الصحف «يديعوت أحرونوت» رغم أن الهجوم نُفذ مساء أول من أمس وقت إرسال الصحيفة إلى الطباعة. وجاء في العنوان الفرعي: «طائرات قادمة من البحر الأحمر قتلت مطلوبين في أفريقيا». وبالبنط العريض باللون الأحمر: «الجيش الإسرائيلي نفذ هجوماً في السودان»، وبحرف أصغر، «بحسب تقديرات مصادر أجنبية». ورفض الناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية ايغال بلمور التعليق على الاتهام السوداني أمس. إلى ذلك، أكد المدير العام لجهاز الأمن السوداني الفريق محمد عطا اهتمام بلاده بمكافحة الإرهاب من خلال سن قوانين وتفعيل آليات خاصة بمكافحته، موضحاً أن «السودان من أوائل الدول التي سنت تشريعات للتصدي لهذه الظاهرة». وقال خلال مخاطبته ورشة عن «مكافحة الإرهاب في شرق أفريقيا» في الخرطوم أمس بمشاركة عدد من الخبراء من دول المنطقة، إن «السودان قدم الكثير من المعالجات الوقائية والمبادرات باعتبار أن الجريمة تنتشر للجوار ولا تعرف الحدود». وأكد أن بلاده بذلت «جهداً كبيراً لمحاصرة العناصر الإرهابية للجريمة المنظمة، وقدمت نتائجها للعدالة وصدرت بموجبها أحكام قضائية».