المرج (ليبيا) - أ ف ب - يبدأ الفيديو الذي نشر على الإنترنت بمشهد لأحمد غرياني وهو منبطح على الأرض ينزف على طريق سريع في شرق ليبيا وهو في قبضة كتائب معمر القذافي. وعندما يقترب المصوّر من الرجل المصاب يأمره صوت بأن يستدير فيستجيب وهو يئن من الألم. ويصرخ الصوت للسجين بأن يردد «عاش الفاتح! عاش معمر (القذافي)!». فيجيب المصاب «الله أكبر»، وتُسمع طلقات نارية ويفقد المصوّر ثبات الكاميرا التي تنطفئ. ويظهر فيديو آخر نشر على الإنترنت غرياني بعد نقله إلى سيارة بيك آب محاطاً بعناصر مسلحة، وهو لا يتحرك. وشوهد الشريطان على نطاق واسع في معقل الثوار، وحيا الليبيون تحدي غرياني للمسلحين في الفيديو الذي يكشف أيضاً الوحشية المعهودة لنظام يحكم البلاد منذ أكثر من أربعة عقود. لكن أسرة غرياني وأصدقاءه لا يعرفون ما إذا كان قد قُتل أو أسر على ايدي كتائب القذافي. وقال شقيقه الأكبر عبدالله (40 سنة): «عندما شاهدت الشريط عجزت عن الحراك ل 24 ساعة. لم أشرب أو آكل أو أنم». وتعتقد أسرته انه أصيب في السادس من آذار (مارس) بعد يوم على توجهه إلى الجبهة دون سلاح للمساعدة في إجلاء الجرحى من خطوط الجبهة. ووصف أصدقاء وجيران غرياني (38 سنة) بأنه رجل ذكي طيب وخفيف الظل لا يهتم كثيراً بالسياسة ولا خبرة له في الحروب قبل ثورة 17 شباط (فبراير). وانطلقت الانتفاضة الشعبية ضد القذافي بتظاهرات في كل أنحاء البلاد استلهمت من الثورتين في تونس ومصر لكن سرعان ما تحولت إلى حرب أهلية أدت إلى انقسام البلاد. وقال خالد فزاني صديق غرياني إن الأخير بكى عندما رأى مشاهد فيديو لمتظاهرين مصابين التقطت بهواتف نقالة بثتها الفضائيات. وأضاف أن غرياني «قال له علي الذهاب لأدافع عن الناس من هذا الطغيان»، فقلت له «يستخدمون الطائرات والدبابات والصواريخ ولا تملك أي سلاح لا يمكنك محاربتهم. فقال علي الذهاب». ونشأ خالد وأحمد معاً في مدينة المرج الصغيرة شمال بنغازي، وكانا يشاهدان مباريات كرة القدم سوية، وغرياني يدعم منتخب ريال مدريد في حين يؤيد فزاني فريق برشلونة. وقال «كنا نتنافس لكن أحمد كان يفوز دائماً في كل شيء». وأضاف أنه عندما شاهد شريط الفيديو «كنت فخوراً به لأنه قال «لا إله إلا الله» لكنني شعرت بالحزن لأنه كان مصاباً ووحيداً». وقال يوسف شقيق غرياني وقد أغرورقت عيناه بالدموع، انه فخور بأيمان أحمد الذي لم يتزعزع. وغرياني واحد من اكثر من 400 ليبي من شرق ليبيا فقدوا منذ بدء الانتفاضة بحسب سجلات الهلال الأحمر الليبي. لكن الهلال الأحمر غير قادر على تحديد من اعتقل ومن قتل، ولا اتصالات له بحكومة القذافي. وقالت دينا جاربو المتطوعة في الهلال الأحمر: «عندما يعتقلون يختفون. ربما يتصلون بأسرهم لكن في معظم الأحيان لا أحد يعرف شيئا عنهم». ويرجح المجلس الانتقالي الليبي أن يكون غرياني قتل على يد كتائب القذافي. وقال المتحدث مصطفى غرياني «نرجح أن يكون قتل لأن كتائب القذافي معروفة بذلك فهي لا تحتفظ بأسرى». وأضاف «المرحلة التي نمر فيها تخلّف أبطالاً». وشوهد هذا الفيديو على الإنترنت حتى الآن اكثر من 32 ألف مرة. ولم يوضب فراش احمد في الغرفة الصغيرة التي كان يعيش فيها مع أسرته. وفي آخر الممر غرفة أخرى اكبر حجماً كان ينوي الانتقال إليها بعد الزواج. ويقول أفراد أسرته وأصدقاؤه إن احمد كان يأمل بأن يتزوج الصيف المقبل لكنه لم يلتق بعد الفتاة المناسبة. وقال فزاني «سألته قبل أن يرحل: ألا تعتقد انه عليك الزواج قبل أن تذهب إلى الحرب؟ فأجابني: سأتزوج في الجنة».