طوكيو – أ ب، أ ف ب – اعتبرت السلطات اليابانية أمس، أن السيطرة على محطة فوكوشيما الذرية التي تُسرّب إشعاعات نووية منذ الزلزال المدمّر الذي ضرب البلاد في 11 آذار (مارس) الماضي وأعقبته أمواج مدّ (تسونامي)، تشكّل «معركة طويلة» رجّحت أن تستغرق «شهوراًَ». ومحطة فوكوشيما الواقعة على ساحل المحيط الهادئ، صُمّمت لمقاومة «تسونامي» يبلغ ارتفاع الموج فيه 6 أمتار وليس موجة هائلة ارتفاعها 14 متراً. وتوقفت مفاعلاتها الستة في شكل آلي في 11 آذار كما هو مقرر فور وقوع الزلزال الذي بلغت قوته 9 درجات على مقياس ريختر. لكن ال «تسونامي» الذي تلى الزلزال أغرق الدارات الكهربائية ومضخات تبريد الوقود النووي، فبدأت 4 مفاعلات تسخن في شكل خطر، مسبّبة انفجارات وانبعاثات من الدخان المشع. ونجح مئات العمال في شركة كهرباء طوكيو المالكة للمحطة (تيبكو) الذين جازفوا بحياتهم، في السيطرة على الوضع عبر رشّ المنشآت بالمياه ليلاً نهاراً، كما يسعون إلى إعادة تغذية التيار الكهربائي لتشغيل دارات التبريد في المفاعلات المتضررة. لكن التقدم بطيء لأن كميات كبيرة من المياه تُستخدم «لغسل» قضبان الوقود، أغرقت صالات العنفات والسراديب تحت الأرض، ما يمنع أي تدخل بشري. وأضخم تحدٍّ تواجهه «تيبكو» هو إخلاء هذه الطبقات المشعة جداً التي تسرّب جزء منها عبر ثغرة قطرها 20 سنتم اكتُشفت في حفرة مرتبطة بالمفاعل الثاني. وأعلنت «تيبكو» أن محاولة أولى لسدّ هذه الثغرة فشلت السبت. وستصل منصة فولاذية عائمة بطول 136 متراً وعرض 46 متراً في الأيام المقبلة إلى قبالة فوكوشيما. ويمكن لخزاناتها التي تصل قدرتها الاستيعابية إلى 10 آلاف طن، أن تُستخدم لسحب المياه الملوثة من المحطة. وعمل ماعونان تابعان للبحرية الأميركية، على نقل مياه عذبة تُسكب في أحواض تُستخدم لتبريد المفاعلات وأحواض الوقود المستعمل. وأوردت صحيفة «يوميوري شيمبون» أن 550 طناً من المياه تُسكب كل يوم في المفاعلات. وأعلنت «تيبكو» العثور على جثتي موظفين اعتُبرا مفقودين، منذ الزلزال في 11 آذار. وهما أول قتيلين في المحطة. في غضون ذلك، قال الناطق باسم وكالة أمن الطاقة النووي هيديهيكو نيشياما أن المسؤولين يواجهون نقطة تحوّل مصيرية خلال الشهور المقبلة، معتبراً أن ذلك لن يكون نهاية المسألة. وأضاف أن السيطرة على مفاعلات المحطة يتطلّب إعادة تشغيل نظام التبريد، ووقف تسرّب الإشعاعات إلى الجوّ والمحيط الهادئ. في الإطار ذاته، أقرّ غوشي هوسونو مستشار رئيس الوزراء الياباني ناوتو كان، بأن حادث محطة فوكوشيما «سيكون معركة طويلة». وقال إن ذلك يحتاج إلى «شهور على الأرجح لوقف التسرّب الإشعاعي»، لافتاً إلى أن «التحدي الأضخم يتعلق بنحو 10 آلاف من قضبان الوقود المستعمل الذي ستستغرق إعادة معالجتها فترة طويلة جداً». وغطّت أنباء المحطة النووية على معاناة اليابانيين المنكوبين بالكارثة التي أدت حتى الآن إلى مقتل 12 ألف شخص وفقدان أكثر من 15 ألفاً. ودُمّرت منازل عشرات الآلاف الذين يعيشون الآن في خيم، كما أن 200 ألف منزل محرومة من الماء، و170 ألفاً من الكهرباء.