يقف التلوث البحري عائقاً في وجه أي مشروع تطويري ل«كورنيش» جدة، وهي الحقيقة، كما يصفها متخصصان في البيئة البحرية، اللذان اتفقا على أن مناطق السباحة الجديدة في مشروع «كورنيش» جدة غير صالحه للسباحة، وأكدا خطورتها على حياة مرتادى «الكورنيش» الجديد لأجل السباحة. وأوضح المتخصصان في حديثهما إلى «الحياة» أن مياه البحر الأحمر على امتداد «كورنيش» جدة ملوثة، ونسبة التلوث فيها تفوق المعدلات العالمية بعشرات المرات. ووصف أستاذ البيئة في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور علي عشقي مدينة جدة بأنها الأولى تلوثاً في العالم أجمع، وقال ل«الحياة»: «إن التلوث في مدينة جدة تجاوز الخطوط الحمراء، ولا سيما التلوث البحري، إذ أصبحت ظاهرة «المد الأحمر» متمركزة في البحر الأحمر، وفي «كورنيشها»، والتي تسهم في نفوق الأسماك بين الحين والآخر». وأشار إلى أن منطقة «الكورنيش» التي تتركز فيها مصبات محطات معالجة مياه الصرف الصحي تستقبل ما يقارب 400 متر مربع من المياه الصادرة عن محطات الصرف الصحي غير المعالجة بطرق سليمة، وهذه ينتج منها تلوث وضرر بالبيئة البحرية، وهي حقيقة لا يمكن إغفالها. وشدد عشقى على أن مياه البحر الأحمر على امتداد «الكورنيش» ملوثة وتحمل عناصر ثقيلة، إضافة إلى البكتريا والميكروبات، وكلها لها أثر مباشر في صحة الإنسان، والسباحة في مناطق مياه ملوثة يمكن أن تصيب الإنسان بأمراض الكبد الوبائي والفشل الكلوي، وغيرها من الأمراض الوبائية، كما أن السباحة في مياه البحر، وأثناء ظاهرة المد الأحمر، يمكن أن تكون قاتلة للإنسان، لارتفاع المواد السمية في المياه، والتي تؤثر في الجهاز العصبي، إضافة إلى أنها قاتلة ويمكن أن تصيب الإنسان بالشلل الكلي أو الجزئي. بدوره، قال أستاذ في كلية البحار بجامعة الملك عبدالعزيز في جدة الدكتور محمد مدرس في حديثة إلى «الحياة»: «عندما نتحدث عن مناطق للسباحة في المشروع الجديد لتطوير كورنيش مدينة جدة، وتحديداً عند ميدان النورس، فلا بد أن نذكر أن تلك المنطقة تعد من أكثر المناطق تلوثاً في بيئتها البحرية، ويمكن اختصار ذلك بعبارة «غير صالحة للسباحة». وأكد أن لون مياه البحر ورائحته يكشفان عن مدى الضرر والتلوث الذي في داخله، منوهاً في الوقت ذاته بأن تلك المنطقة شهدت قبل عام نفوقاً في الأسماك بالآلاف، وهذا يعود إلى ارتفاع نسبة الميكروبات والبكتيريا العضوية، ما أسهم في نمو الطحالب السمية وأحدث كارثة بحرية. ولفت مدرس إلى أن تلوث «كورنيش» جدة مشكلة ليست بالجديدة، بل قديمة منذ عقود مضت، وهنالك مصبات لمحطات معالجة مياه الصرف الصحي، وأخرى غير رسمية للصرف الصحي، بالمئات تمددت على ساحل البحر الأحمر، ما أسهم في تغير البيئة البحرية ومكوناتها الطبيعة على مدى عقود، بل ودمر في شعبها المرجانية. واستطرد بالقول: «اختلفت الدراسات في العدد الفعلي لتلك المصبات، ولا سيما في انعدام وجود خرائط تفصيلية لها، ولكن التأثير البيئي لها وضح في بيئة البحر الأحمر»، محذراً من فتح شواطئ مخصصة للسباحة قبل التأكد من سلامة البيئة البحرية فيها، وقال: «لا بد من التأكد من مستوى التلوث في المناطق الجديدة على الشاطئ، والمخصصة للسباحة، من حيث معدلات الكائنات العضوية والبكتريا والميكروبات بها للسلامة العامة، وخصوصاً أن السباحة في مياه ملوثة ينتج منه عدد من الأمراض الوبائية». وطالب مدرس بإبعاد قنوات تصريف المياه المعالجة لمحطات معالجة مياه الصرف الصحي عن البحر الأحمر نهائياً، واستخدام تلك المياه المعالجة في عمليات سقي الحدائق والبناء، وغيرها من الاستخدامات التي يمكن أن تستخدم فيها تلك المياه، بدلاً من إهدارها في البحر. وفي المقابل، أكد مصدر مطلع في أمانة محافظة جدة ل«الحياة»، أنه بعد مراجعة المصبات التابعة لأمانة جدة في محطة الزهراء ومحطة البلد، الخاصة بتصريف مياه الأمطار والمياه الجوفية، تم التأكد من عدم ضخها مياه الصرف الصحي باتجاه البحر الأحمر.