سلسلة من المآسي والأمراض لم تنته منذ عقود، لم تجف المدامع ولكن لا أحد مسموح له بمشاهدتها، سنوات من البؤس وتحمل الديون ومراجعة المستشفيات، وأخيراً دخول السجن، حتى بعد الخروج منه ما زال هناك حلقات تبحث عمن يجد لها نهاية سعيدةباختصار هذه هي حياة علي بن دنينة، الذي يرزح تحت وطأة الديون وتقاسي زوجته ظروفاً صحية سيئة، فهي مريضة بالصرع منذ نحو 30 عاماً. ويقول علي: «على رغم ما بذلته طوال عمري إلا أنني ما زلت أعيش في منزل متواضع، وعندما أفكر في الأمر لا أجد سوى الديون التي عرقلت مسيرتي وأثرت في حياة أسرتي»، موضحاً: «بدأت مسيرتي مع الديون منذ ثلاثة عقود، إذ كنت اقترض السيارة بنحو 85 ألف ريال وأبيعها بمبلغ لا يزيد على 40 ألف ريال، وكان هدفي من ذلك شراء أرض لأبني فيها منزلاً لأبنائي، إضافة إلى إكمال النواقص الحياتية». لم يكن الدين الأول سوى بداية المعاناة، فما أن تعترض عقبة طريق دنينة حتى يسارع إلى الاقتراض مرة أخرى، فعل ذلك مرات كثيرة، حتى كبلته الديون وضايقه الدائنون وبلغ ما عليه من ديون إلى المليوني ريال، فعاش وضعاً نفسياً سيئاً استمر سنوات عدة، وأخيراً انتهى به المطاف في السجن. ويتابع دنينة: «سجنت أكثر من 18 شهراً ولم أخرج إلا بعد أن سدد بعض فاعلي الخير معظم الديون، وتبقى ما لا يقل عن 200 ألف ريال لم أستطع سدادها حتى بعد خروجي من السجن»، مشيراً إلى أنه لا يستطيع النوم جراء عدم قدرته على سداد هذا المبلغ، ويخشى أن يؤثر ذلك سلباً في حياة أبنائه. الديون ليست النقطة السوداء الوحيدة في حياة دنينة، فمرض زوجته ورفيقة عمره كان له أثر سلبي لا يقل عن أثر الديون، «زوجتي تقاسي مرض الصرع منذ أمد بعيد وما زال ملازماً لها، وما يقلقني أن هذا المرض تزداد حدته أحياناً وتخف أحياناً أخرى»، مضيفاً: «أنا أيضاً أراجع منذ زمن طويل المستشفيات بسبب ضعف النظر». ويستطرد: «حتى سيارتي الوحيدة المليئة بالأعطال لم تسلم، فهي الأخرى نالت نصيبها من الألم، فقد كنت في داخلها أناقش صاحب بقالة يطالبني بمبلغ ثمانية آلاف ريال لكي يمهلني بعض الوقت لسداد المبلغ، وفجأة قدم شاب مراهق يقود سيارته بسرعة فصدمني، وعلى إثرها انقلبت سيارتي وكسرت يدي ونجوت بأعجوبة من موت محقق، وبدلاً من سداد المبلغ أصبحت من دون سيارة». ولا يخفي دنينة حزنه العميق وألمه على موت شقيقه، «قتل شقيقي في الرياض بطريقة غريبة بينما كنت مسجوناً، اذ مات بسبب طلق ناري من شخص فقد وعيه، مع أن شقيقي لا يعرفه على الإطلاق لكن تصادف مروره مع القاتل في أحد الشوارع وما زالت آلام مقتله تؤرقني وأسرته حتى الآن». وما بين الظروف المالية الصعبة واحتمال سجنه في أي وقت والمشكلات الصحية التي تدهم زوجته وآلام مقتل شقيقه يعيش دينية تحت ضغط نفسي صعب، يأمل في الخروج منه وحدوث فرج مأمول، خصوصاً وهو يرى أسرته تعيش المأساة بكامل فصولها على رغم ألا ذنب لهم في ما حدث أو سيحدث لا سمح الله.