لكل جرح نازف إيلام، فما بالكم بجرح امتد لأربعين سنة، فبدا وكأنه «بلغ أشده» من العمق، وقال «رب أوزعني» أن التئم، كلمة لا بد منها للشعب الليبي الحليم الذي غضب، فلن تنفع مع غضبه أي «تقية»، وله علينا الدعاء.. والحب. شهد القصص الإعلامي الذي أورد سيرة «الكره» مشاهد لا تنسى، ساخرة حد الألم، مؤلمة حد المغص، كان الحضور فيها للدم، وللبنادق العرجاء تتكئ على شعلة فانوس تتقافز لأنها قاربت على الانطفاء، تتشبث بحلاوة الروح، الروح التي أثقلت على البلاد والعباد. ومن بين «الأفلام» القصيرة الكثيرة، كلمات «المتزّعم» التي راحت طرفاً، وباتت «قفشات» كوميدية ملأت الدنيا الإلكترونية، ولم تشغل الناس عن البأس الذي فيه مواطنو إيمان العبيدي. من «زاوية» مهنية بحتة، و«زنقة» من «زنقات» الاتصال الجماهيري نظرت إلى الانتشار السريع لمقولاته، ليس لأنها طريفة فقط، فقد اعتمد «التميلح» ديدناً في خطاباته منذ وقت طويل، ولكن لأن دراستها مستقبلاً، ربما فسّرت بقاء من يملك هذه العقلية المشتتة على سدة «الثورة»، إذ بقي الناس يحسبون هزله هزلاً، ويخشون أن يبدأ جده، فاكتشفوا بعد «خراب مالطا» أن هزله جد، وكأنه يتزوج فكرة كل يوم، ويعتقها اليوم الثاني. الشهرة تصيب أهل اليمين وناصعي الجبين، كما تصيب أهل الشمال وقاتلي الجنين، وهي كانت سياسية في أوساط معيّنة، وكان مكانها المنابر الرسمية، ثم باتت شعبية جداً، غير أن أماكنها كأنها خريطة طريق هرب الأخت «جيري» من العم «توم». رأى كثير منكم المقطع على الإنترنت لأحد «الديسكوات» الذي بث «مكس» يتلاعب فيه «الدي جي» بكلمات دار دار، زنقة زنقة، ومن بعده جاءت عشرات «المكسات» من الليبيين وغيرهم، حتى جعلت الثنائيات القذافية إن صح الوصف أشهر من القضية الليبية نفسها. الوكيل الإعلاني لإحدى شركات السيارات كان سريع البديهة، فلقد جاء في إعلانه «دقت ساعة...» ثم وضع اسم الماركة التي يسوّق لها، وهي الجملة التي أخذت من «تمتمات» الثورجي العجيب. حسناً، أتوقع المزيد، خصوصاً في اللفظة المكررة المتتابعة، فقد رأينا الشباب يتندّرون على زميلهم بأن «ساهر» يلاحقه «شارع شارع»، وعلى صديقهم بأن زوجته ترصده «استراحة استراحة» أو «سفرة سفرة». سنرى المزيد تسويقياً واتصالياً، وربما أيضاً رأينا شراء لبعض الحقوق لتصاميم أو جمل في الدول التي تطبّق بدقة هذه الأنظمة، وربما أصبح لدينا ما يسمى التسويق «القذافي»، بعد أن كان لدينا تسويفه. [email protected]