على الباغي تدور الدوائر ، ولو بعد 40 عاماً سادها الظلم والطغيان ومصادرة أبسط الحقوق الإنسانية ، وتبديد ثروات البلاد الضخمة في مشاريع فاشلة ، ومغامرات حروب عبثية طالت قارات الدنيا ، وازهاق الأرواح بلا محاكمات! وتفجير الطائرات لارضاء غرور زعامة متوهمة كذوبة!. الآن انقلبت المعادلة التي ظن البعض أنها من الاستحالة بمكان أن تحدث اليوم ، لقد أصبح الذي يُطارد ، مطارداً ، الذي يُهدد مهدداً ، الذي يرغي ويزبد ويملأ العالم صخباً وجدلاً (وبلاهة) بترهاته وعنترياته وعناده بتغيير وجه الكون ، بات الآن العقيد القذافي محشوراً في (الزاوية) ومطلوباً للعدالة الدولية على جرائمه بقتل شعبه ومحاولة إبادته. وبذُل نحو 1.7 مليون دولار ثمناً لرأس العقيد ، صاحب (الزنقة) الشهيرة التي ارتدت إلى نحره ، وأصبح الثوار هم من يزحفون لتطهير ليبيا دار دار وزنقة زنقة بحثاً عن (العقيد) الذي طالما ردد في خطبه النارية أنا هنا ومن أنتم أيها (الجرذان)!! وغيرها من كيل العبارات السوقية (الصراصير) (المهلوسين) التي تنم عن تسطيح في الخطاب المبتذل (للقائد) ، اليوم كل هذه اللغة الفجة الموغلة في الاستخفاف باتت مادة للتندر والهزل وخاصة لدى الشباب الثوار ، لأن صاحبها قد توارى عن الأنظار واختفى وتبخر كفص ملح وذاب. لقد أصبح (العقيد) يتنقل من مكان إلى آخر خلسة وفي أقصى درجات الحيطة والحذر ، يضرب في صحراء التيه ربما ما بين (الجفرة) وسبها وسرت ، وتُرسم عدد من السيناريوهات انه فر بموكب كبير مدجج بالسلاح والمال برفقة عائلته وأبنائه وصهره والمقربين منه ، إلى الحدود بين ليبيا والجزائر ، ويبقى لغز المطاردة غامضاً حتى هذه اللحظة فيما إذا كان التعقب الاستخباراتي (للناتو) سيفلح في القبض عليه حياً أو ميتاً ، لأن ليبيا الجديدة طوت صفحة الطغيان والاستبداد إلى الأبد.