عانى الحزب الجمهوري من أحد أسوأ أيامه هذه السنة أول من أمس، إذ تمرّد سيناتوران على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، معتبرين أنه يشكّل «خطراً على الديموقراطية» وداعية «أكاذيب»، ما يقوّض طموحاته التشريعية ويهدّد حظوظ الحزب في انتخابات التجديد النصفي في مجلسَي الشيوخ والنواب عام 2018. وكان يُفترض أن يكون الثلثاء يوم وحدة للحزب الجمهوري، بعدما قصد ترامب مبنى الكابيتول، في زيارة نادرة للترويج لمشروعه لخفض ضخم للضرائب، قبل أن يصطدم بخلافات مع حزبه، طفت إلى العلن وهيمنت على التغطية الإعلامية. إذ فجّر السيناتور عن ولاية أريزونا جيف فليك قنبلة سياسية من العيار الثقيل، بإعلانه أنه لن يترشح لولاية جديدة في انتخابات 2018، مبرراً الأمر بتردّي مستوى السياسة في عهد ترامب. ورفض فليك أن يكون «شريكاً»، مفسراً بلغة مَن في فمه ماء، لماذا يشكّل الرئيس «خطراً على الديموقراطية». وأضاف: «علينا ان نتوقف عن الادعاء بأن الانحطاط في السياسة وسلوك بعضهم في السلطة التنفيذية أمر طبيعي. الأمر ليس طبيعياً. لن أكون متواطئاً أو صامتاً». ولفت إلى «هجمات شخصية وتهديدات للحريات والمبادئ والمؤسسات وتجاهل سافر للحقيقة والكرامة»، وتابع: «السلوك المتهور والمشين وغير المحترم يُبرّر بأن الشخص (ترامب) يقول الأمور كما هي، فيما هو مجرد سلوك متهوّر ومشين وغير محترم». وأتى تمرّد فليك بعد ساعات على مشادة كلامية أخرى بين ترامب ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بوب كوركر. وكان الرئيس بادر عبر موقع «تويتر» إلى وصف السيناتور عن ولاية تينيسي ب «وزن الريشة» وب «غير كفء»، ليرد فليك من موقع التواصل الاجتماعي ذاته بتغريدة من العيار الثقيل ورد فيها «الأكاذيب ذاتها من رئيس ليس جديراً بالثقة». وقال: «لدى الرئيس صعوبات جمّة مع الحقيقة، في مسائل كثيرة. عندما تنتهي ولايته، سيبقى إذلال بلادنا، والأكاذيب الدائمة، والإهانات، وهذا مؤسف». وعكس التصدّع الجمهوري عمق الأزمة السياسية لترامب وفشله في تمرير تشريع أساسي في الكونغرس، بعد إخفاق خططه حول الضمان الصحي وتشييد جدار على الحدود مع المكسيك والهجرة. وتحاول إدارته إنجاز قانون للإصلاح الضريبي، وهذا سيكون صعباً مع تمرّد فليك وكوركر، ناهيك عن خلافات ترامب مع جون ماكين وسوزان كولينز وأعضاء جمهوريين معتدلين في مجلس الشيوخ. وتفتح هذه الخلافات أفقاً انتخابياً أمام الديموقراطيين لاستعادة السيطرة على الكونغرس عام 2018. ونقلت صحيفة «بوليتيكو» عن زعيمة الديموقراطيين في مجلس النواب نانسي بيلوسي قولها إن الحزب يستطيع الفوز بالمقاعد ال24 المطلوبة في المجلس، إذا فشل الإصلاح الضريبي. ويعني خروج فليك وكوركر من الكونغرس عام 2018 ترشّح وجوه أكثر تشدداً ويمينية عن المقاعد الجمهورية، وهي أقرب بتفكيرها إلى ترامب ومساعده السابق ستيفن بانون، لكن حظوظها في الفوز أقلّ، خصوصاً مع تهاوي شعبية الرئيس إلى 37 في المئة. وتوقّع مراقبون معركة طويلة حول صورة الحزب الجمهوري وتوجّهه، مع جنوحه إلى اليمين إثر فوز ترامب، ومحاولة المعتدلين التصدي لذلك. وتُنظم الانتخابات النصفية في 6 تشرين الثاني (نوفمبر) 2018، ويأمل الديموقراطيون على الأقل بانتزاع مجلس النواب، بعدما خسروه عام 2011.