وسط تأزم العلاقات بين موسكووواشنطن على الساحة السورية، أسقطت روسيا مشروع قرار أميركياً في مجلس الأمن الدولي أمس، نص على تجديد ولاية لجنة التحقيق الدولية في استخدام الأسلحة الكيماوية في سورية، ما يدفع بمصير اللجنة إلى المجهول ويضعها مجدداً أمام مواجهة سياسية بين العضوين الأساسيين في مجلس الأمن. وهذه هي المرة التاسعة التي تستخدم فيها موسكو الفيتو لتعطيل قرار يستهدف دمشق. في موازاة ذلك، لوح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بقرب شن عملية عسكرية ضد مدينة عفرين في ريف حلب والخاضعة لسيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية، محذراً: «قد نضرب فجأة في أي ليلة». وقررت فصائل «الجيش الحر» في منطقة «درع الفرات» شمال حلب، إعادة هيكلة نفسها رسمياً تمهيداً لتحولها إلى «جيش نظامي للمعارضة»، وذلك خلال اجتماع في مقر القوات الخاصة التركية، بحضور والي عينتاب ووالي كيلس التركيتين، وقائد «القوات الخاصة» التركية، وممثلي الاستخبارات التركية، وأعضاء الحكومة السورية الموقتة، وقيادة فصائل «الجيش الحر» الموجودين في منطقة «درع الفرات» (للمزيد). ورفضت موسكو التمديد للجنة التحقيق الدولية حول استخدام الكيماوي في سورية، مستندة إلى أن على مجلس الأمن أن ينتظر إصدار اللجنة تقريراً حول نتائج تحقيقاتها في هجوم خان شيخون الكيماوي الذي وقع في نيسان (أبريل) الماضي، معتبرة أن مسارعة واشنطن إلى إلزام مجلس الأمن بالتصويت على مشروع القرار «يهدف إلى استدراج روسيا إلى التصويت ضده، أكثر مما يتعلق بمستقبل التحقيق ذاته». وقال السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا إن ولاية لجنة التحقيق تنتهي في 17 الشهر المقبل و «لا يزال أمام مجلس الأمن متسع من الوقت قبل التصويت على تجديد عملها»، مشدداً على ضرورة انتظار تقرير اللجنة أولاً. ويتوقع أن تصدر اللجنة تقريرها خلال أيام، وتكمن أهميته في أنه يفترض أن يحدد الجهة المسؤولة عن تنفيذ هجوم خان شيخون. وأشار نيبينزيا إلى أن لجنة التحقيق لم تزر موقع الهجوم، مشككاً في قوة الأدلة التي لديها. في المقابل، أكدت نائب السفيرة الأميركية في الأممالمتحدة، ميشال سيسون أن واشنطن «مصرة» على تجديد عمل لجنة التحقيق ودعمه، مشيدة «بمهنية خبرائها الذين يعلمون أنهم سيتعرضون للهجوم من حلفاء دمشق، وعلى رغم ذلك قرروا مواصلة العمل». وأكدت ضرورة تجديد ولاية لجنة التحقيق، بغض النظر عن مضمون التقرير حول الجهة المسؤولة عن استخدام الأسلحة الكيماوية في خان شيخون. ودعمت بريطانيا الموقف الأميركي، معتبرة أن روسيا «حاولت تسييس عمل اللجنة». كما شدد السفير الفرنسي فرنسوا ديلاتر على ضرورة «تحييد» عمل لجنة التحقيق، والنأي عن الانقسامات السياسية. ميدانياً، قال أردوغان إن العملية العسكرية التي تنفذها بلاده في إدلب، شمال سورية، اكتملت إلى حد بعيد، لكن الأمر لم ينته بالنسبة إلى مدينة عفرين. وزاد: «لقد أثمرت العملية في إدلب في شكل كبير، والمقبل سيكون عفرين. قبل هذا ماذا قلنا؟ قد نأتي فجأة في أي ليلة، قد نضرب فجأة في أي ليلة». تزامناً، قررت فصائل «الجيش الحر» في عملية «درع الفرات» شمال حلب، إعادة هيكلة نفسها رسمياً ضمن ثلاثة فيالق على مرحلتين، تمهيداً لتحولها إلى «جيش نظامي للمعارضة». وعقدت الفصائل أمس، اجتماعاً في مقر القوات الخاصة التركية، بحضور مسؤولين أتراك بارزين من الجيش والاستخبارات. وقال العقيد هيثم العفيسي، قائد «اللواء 51» في «الجيش الحر» إن الاجتماعات تهدف إلى تشكيل «هيئة أركان» بقيادة موحدة لجميع الفصائل في منطقة «درع الفرات»، ضمن ثلاثة فيالق. وأفادت مصادر متطابقة في المعارضة بأنه تم الاتفاق على الانتقال «من مرحلة الفصائل» إلى «مرحلة جيش نظامي»، وذلك على مرحلتين. المرحلة الأولى تتضمن تشكيل جيش يتكون من 3 فيالق هي «فيلق الجيش الوطني»، و «فيلق السلطان مراد»، و «فيلق الجبهة الشامية». أما المرحلة الثانية، فسيتم فيها تجريد الفصائل من المسميات والتعامل معها ك «جيش نظامي» لمناطق المعارضة شمال سورية.