انتخب البرلمان الألماني في جلسته التأسيسية الجديدة التي عقدها في برلين، رئيساً جديداً هو وزير المال فولفغانغ شويبله بغالبية 501 نائباً في مقابل معارضة 173 بينهم 92 من «حزب البديل الألماني» اليميني المتطرف، في حين امتنع 35 نائب عن التصويت. وألقى شويبله، وهو النائب الأكبر سناً، خطاباً حدد فيه حقوق النائب وواجباته للسنوات الأربع المقبلة، مشدداً على أهمية احترام القانون والديموقراطية. ووعد بالعمل لاعتماد مبدأ المساواة بين الجميع. وحضر الجلسة الرئيس فرانك فالتر شتاينماير والمستشارة أنغيلا مركل المكلفة تشكيل حكومة جديدة، ورؤساء حكومات الولايات ال16، إضافة إلى السفراء الأجانب المعتمدين وممثلين عن مؤسسات اجتماعية ومدنية ودينية. وفي خطابه الافتتاحي باعتباره أقدم نائب في البرلمان، قال الليبرالي هيرمان أوتو زولمس، في إشارة إلى دخول «حزب البديل» للمرة الأولى البرلمان الفيديرالي: «نملك جميعنا التفويض ذاته والحقوق والالتزامات ذاتها»، محذراً من «الإقصاء أو تشويه السمعة». وانتظر الجميع نتيجة انتخاب ستة نواب لرئيس البرلمان لمعرفة إذا كان مرشح «حزب البديل» ألبريشت غلازر (75 سنة) سيكون أحدهم، إذ يحق لكل كتلة ترشيح شخص لهذا المنصب. لكنه لم ينل إلا 115 صوتاً في مقابل رفض 550 نائباً توليه المنصب، ما استدعى إعادة التصويت. ويعتبر «حزب البديل» القوة السياسية الثالثة في مجلس النواب الجديد بعد المسيحيين والاشتراكيين. وستكون تحركات نوابه وتصريحاتهم محط أنظار الرأي العام الداخلي والخارجي. لكنه يشهد أيضاً انقسامات داخلية بعد استقالة رئيسته فراوكه بيتري منددة بالتطرف «القومي» للحزب، ومعها نائبان آخران. وبالنسبة إلى التحالف المسيحي المحافظ الذي تقوده المستشارة مركل فسجل على رغم فوزه أسوأ نتيجة له منذ العام 1949، ما يضع المستشارة، في مستهل ولايتها الرابعة، في موقع ضعيف ومشتت داخل تحالف صعب ومتناقض يتألف من أربعة أحزاب. وبسبب خسارته الكبيرة في انتخابات أيلول (سبتمبر) الماضي أُجبر الحزب الاشتراكي الديموقراطي على العودة إلى المعارضة، ما سيزيد صعوبة وتعقيدات العمل الحكومي. وبدأ القادة الاشتراكيون في ممارسة الضغوط على مركل وحزبها المسيحي منذ اليوم الأول. واتهم أمس وزير الخارجية الاشتراكي الحالي زيغمار غابرييل وزير المال شويبله «بتحويل أوروبا إلى فوضى عارمة، وجعل غالبية دول الاتحاد الأوروبي تختلف مع ألمانيا». وأضاف: «ترى الدول الأوروبية في ألمانيا المعلم الأكبر الذي يريد تعليمها كيفية الادخار والتقشف، في وقت يعترف شويبله بنجاح سياساته النقدية الداخلية». وأبدى يوزف شوستر، رئيس الجالية اليهودية، قلقه من «واقع ضم البرلمان أشخاصاً يريدون إخفاء الماضي النازي، ويثيرون الرأي العام ضد المسلمين وطالبي اللجوء». والأحد الماضي، تظاهر آلاف الأشخاص في برلين ضد دخول اليمين المتطرف إلى البرلمان. وحالياً، لن ينفذ البرلمان مهمات كبيرة لان الحكومة الحالية برئاسة مركل ستتولى الثلثاء رسمياً «تسيير الأعمال» حتى تشكيل حكومة جديدة. وهي بدأت محادثات صعبة في هذا الشأن مع الليبراليين وحزب الخضر اللذين يملكان برنامجين مختلفين، والتي قد تستمر حتى نهاية السنة، وربما تتواصل في 2018. في النمسا، أطلق القيادي المحافظ سيباستيان كورتز وحزب الحرية اليميني المتطرف مشاورات لتشكيل ائتلاف حكومي، ما يمهد الطريق أمام عودة الحزب المتطرف إلى السلطة بعد 17 سنة على مشاركته الأخيرة في الحكومة عام 2000، والتي أثارت حينها ضجة كبيرة في أوروبا. وأمل كورتز في التوصل إلى نتيجة «قبل عيد الميلاد»، علماً أن حزب الحرية يشترط للمشاركة في الائتلاف منحه وزارة الداخلية، الحقيبة السيادية التي نفدت من أيديه عام 2000، وإعطاء أولوية في البرنامج الحكومي ل «ضمان أمن الحدود» و«الديموقراطية المباشرة على النمط السويسري» ول «وقف الأسلمة».