واصل حزبا «الاستقلال» الذي يتزعمه رئيس الوزراء المغربي عباس الفاسي، و «الأصالة والمعاصرة» الذي يقوده الوزير السابق فؤاد عالي الهمة المقرب من الملك محمد السادس، التراشق بالاتهامات على خلفية قرار «الأصالة والمعاصرة» الانضمام إلى المعارضة قبل الانتخابات المقررة الجمعة المقبل. وقال قيادي في «الاستقلال» إن الخلافات مع «الأصالة والمعاصرة»، لا تكمن في قرار خروج الأخير إلى المعارضة، وإنما في «توقيت الاجراء الذي تزامن وبدء الحملات الانتخابية للاقتراع الجمعة المقبل». ورأى أن التوقيت «يعكس رغبة في تحويل الأنظار عن الطابع المحلي للانتخابات، واللجوء إلى المزايدات السياسية». وفي المقابل، رد مؤسس «الأصالة والمعاصرة» على رئيس الوزراء المغربي الذي كان وصف موقف حزبه ب «التشويش» والاثارة، معتبراً أن الفاسي «شيخ عجوز»، في إشارة إلى اتهامه منتسبين إلى «الأصالة والمعاصرة» بأنهم «أطفال صغار». وأضاف أن الفاسي كان يغازل حزبه وعرض عليه مناصب حكومية لحيازة غالبية مريحة. غير أن مصدراً في «الاستقلال» رد على ذلك بالقول: «عندما كان الفاسي بصدد تشكيل حكومته بعد انتخابات 2007 لم يكن الاصالة والمعاصرة خرج إلى الوجود بعد». وذهبت صحافة «الاستقلال» أمس إلى الحديث عن حملات انتخابية «نظيفة» يقودها الحزب «وفق برنامج واقعي»، وكتبت صحيفة «العلم» أمس أن «الاستقلال» سيواصل تموقعه في الخندق الذي اختاره «ولا يزعجه في شيء ما يثيره خفافيش المناسبات وأعداء الديموقراطية». وكان الخلاف بين الفاسي وعالي الهمة اتخذ طابعاً رسمياً بعدما قدم «الأصالة والمعاصرة» شكوى إلى «الهيئة العليا للاتصال» احتجاجاً على اتهامات الفاسي له ب «التشويش» بعد قراره الخروج إلى المعارضة. لكن الهيئة رأت أن تصريح رئيس الوزراء لم يتحدث صراحة عن «الأصالة والمعاصرة»، لكنها لفتت انتباه هيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمية إلى ضرورة «احترام التعبير عن التعددية السياسية والفكرية» بعيداً من تدخلات الفاعليات السياسية في الحملات الانتخابية. إلى ذلك، حرص وزير العدل عبدالواحد الراضي الذي يتزعم «الاتحاد الاشتراكي»، على الرد على كلام رئيس الوزراء عن «إرضاء الأصالة والمعاصرة» من خلال قرارات أصدرتها محاكم إدارية أجازت ترشح نواب على لوائحه بعدما غيروا انتماءاتهم السياسية. وقال الراضي إن القضاء «لا يرضي أحداً، بل يطبق القانون». وأضاف أمام مجلس حكومي أن كلمة «إرضاء» غير ملائمة لطبيعة الممارسات القضائية، لكن مراقبين استبعدوا أن يدخل «الاتحاد الاشتراكي» في الوقت الراهن في مواجهة وحليفه التقليدي حزب «الاستقلال»، أقله أن معركتهما معاً تلتقي في هدف صون الائتلاف الحكومي من مخاطر الانهيار. ورغم أن نحو 30 حزباً يتنافسون في اقتراع البلديات، فإن ستة أحزاب فقط قدمت مرشحيها بنسب متفاوتة لتغطية أقل من 70 في المئة من الدوائر الانتخابية. ويأتي «الأصالة والمعاصرة» في المقدمة، يليه «الاستقلال» ثم «تجمع الأحرار» و «الحركة الشعبية» و «العدالة والتنمية». وذكرت مصادر في وزارة الداخلية أن بعض الأحداث التي نتجت عن احتدام الصراع «لم تؤثر سلباً في مسار المنافسات الانتخابية» التي يرجح أن تشهد تصعيداً مع بداية الأسبوع المقبل. غير أن أعداد الأحزاب التي ستحوز على العتبة المخصصة للاستمرار يرجح أن تكون أقل من المتوقع، ما يعني أن تغييرات جوهرية قد تطرأ على الخريطة الحزبية، وإن كان الاعتقاد السائد أن الطابع المحلي لاقتراع البلديات يركز على الشؤون المرتبطة بتدبير المدن والأرياف، ما يتطلب حيازة غالبيات غير متجانسة أحياناً. ويجري الاقتراع على قوائم تضم نساء مترشحات من غالبية الأحزاب المغربية لضمان مشاركة واسعة للمرأة في تدبير الشؤون المحلية، فيما يحتدم الصراع بين شخصيات وزارية سابقة في مدن مثل الرباط والدار البيضاء. ولوحظ أن بعض المترشحين من قيادات حزبية بارزة غيروا دوائر ترشحهم التقليدية، وهي ظاهرة تكاد تشهدها كل الاستحقاقات الانتخابية في البلاد خوفاً من الاقتراع «العقابي»، لكن المنافسات ما زالت محصورة بين الأحزاب الرئيسة التي نظمت إلى الآن أكبر عدد من المهرجانات والتجمعات الانتخابية.