حضّت الحكومة الإسبانية الكاتالونيين على تجاهل أي تعليمات من قادة الإقليم الساعين إلى الاستقلال، بعد إعلانها خطة تُعتبر سابقة لإطاحتهم وإدارة الإقليم وتنظيم انتخابات مبكرة. تزامن نجاح مدريد في كبح التحدي الانفصالي في كاتالونيا، مع تنظيم إقليمَي لومبارديا وفينيتو الغنيَين في شمال إيطاليا استفتاءَين غير ملزمين للمطالبة بمزيد من الحكم الذاتي، بالتوافق مع روما. (للمزيد) وقال وزير الخارجية الإسباني ألفونسو داستيس ل «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي): «كل ما تسعى الحكومة لفعله هو إعادة إقرار النظام القانوني والحفاظ على الدستور والقواعد في كاتالونيا وأن تمضي بعد ذلك. سنشكّل السلطات التي ستحكم كاتالونيا وتدير شؤونها، وفقاً لقوانينها وأعرافها. آمل بأن يتجاهل الجميع أي توجيهات يخطّط (قادة الإقليم) لإصدارها، إذ لا يملكون السلطة القانونية لذلك». يأتي ذلك بعد يوم على اتخاذ مدريد خطوة دستورية تُعتبر سابقة، إذ طلبت موافقة مجلس الشيوخ على إقالة حكومة كاتالونيا وحلّ البرلمان من أجل الدعوة إلى انتخابات في غضون 6 شهور. وتمكّن تدابير حكومة ماريانو راخوي السلطات الإسبانية من السيطرة على مقار الحكومة في الإقليم وشرطتها وإعلامها الرسمي، استناداً إلى المادة 155 من الدستور، والتي تتيح للحكومة المركزية تجميد الحكم الذاتي في الإقليم. لكن راخوي حرص على تأكيد أن تدابيره «لم تجمّد الاستقلالية الكاتالونية ولا الحكم الذاتي». ويُفترض أن يوافق مجلس الشيوخ الذي يحظى فيه «الحزب الشعبي» اليميني بزعامة راخوي بالغالبية، على الإجراءات التي طلبتها الحكومة، بحلول الجمعة المقبل، علماً أنها نالت تأييد الحزب الاشتراكي المعارض وحزب «سيودادانوس» الوسطي. واتهم رئيس كاتالونيا كارليس بيغديمونت الحكومة المركزية بشنّ «أسوأ هجوم على مؤسسات كاتالونيا وشعبها منذ مراسيم الديكتاتور فرانشيسكو فرانكو»، محذراً الأوروبيين من أن «القيم الأوروبية» تواجه «خطراً». ودعا الإسبان إلى توقّع «مزيد من التجاوزات». كما دانت رئيسة برلمان الإقليم كارمي فوركاديل «انقلاباً». لكن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان نبّه إلى أن أزمة كاتالونيا قد تؤدي إلى «تفكّك خطر»، فيما اعتبر رئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تاجاني أن على أوروبا أن «تخشى» تزايد «الأوطان الصغيرة»، وزاد: «لا أحد يعتزم الاعتراف بكاتالونيا دولة مستقلة». وطغت أزمة كاتالونيا على استفتاءَين نظمهما إقليما لومبارديا وفينيتو في شمال إيطاليا أمس، للمطالبة بمزيد من الحكم الذاتي. وعلى عكس كاتالونيا التي نظمت استفتاءها، متجاهلة قراراً للمحكمة العليا اعتبره غير دستوري، أقرّت المحكمة العليا في إيطاليا استفتاءَي لومبارديا وفينيتو، إذ يدخلان في إطار القانون. وشدد رئيس فينيتو لوكا تسايا على أن أي مقارنة مع كاتالونيا هي محاولة «ماكرة» لثني الناخبين عن التصويت ب «نعم». وعلى رغم أن الاستفتاءَين غير ملزمين، فإن تصويتاً قوياً ب «نعم» سيعزّز موقع رئيسَي الإقليمَين المتجاورَين في مطالبة الحكومة المركزية بحصة أكبر من الإيرادات الضريبية، وبنيل مزيد من المسؤوليات والصلاحيات الموكلة إليها، في قطاعات مثل الأمن والهجرة والتعليم والبيئة والبنى التحتية. وينتمي تسايا، ورئيس لومبارديا روبرتو ماروني، إلى حزب «رابطة الشمال» اليميني المتطرف الذي كان يدعو في تسعينات القرن العشرين إلى دولة «بادانيا» المستقلة التي تمتد في شمال إيطاليا من لومبارديا إلى البندقية. لكنه نأى عن توجّهه الانفصالي وتحوّل إلى معاداة اليورو والهجرة، معتبراً أن الضرائب التي يرسلها الشمال إلى روما تُهدر بسبب البيروقراطية والافتقار للكفاءة. وعلى رغم أن الاستفتاءَين لا يسعيان إلى الاستقلال، فإن حملة الحكم الذاتي تشكّل تهديداً قوياً لسلطة روما، علماً أن لومبارديا وفينيتو تساهمان ب30 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في إيطاليا، وتُعدّان حوالى ربع الناخبين. ويخشى بعضهم أن يؤدي تصويت قوي ب «نعم» إلى تعميق الفجوة القديمة بين الشمال والجنوب، وتعود إلى ما قبل توحيد إيطاليا في القرن التاسع عشر.