أصبح المقهى في السعودية ضرورة، وبات ارتياده طقساً يتسابق عليه الغالبية، الأسباب كثيرة بيد أن أهمها عامل التغيير وإيجاد بيئة بديلة يستطيع من خلالها الشخص أن يقضي وقتاً لا يهيأ له في المنزل. تنتشر المقاهي في مدينة جدة باختلاف أشكالها وديكوراتها، إضافة إلى من يعمل داخلها، فهم من مختلف الجنسيات ولكل منهم طريقته في الضيافة والترحيب واستقبال الزبائن الأمر الذي يراه البعض سبباً رئيساً في كسب أعداد كبيرة من الرواد. ربما شكلت الشخصية اللبنانية حضوراً لافتاً أخيراً على مستوى إدارات المقاهي «والكوفي شوب» كما يطلق عليها بعض الشبان. ويبدو أن هذا الحضور استمد شعبيته من تاريخ «المقهى اللبناني» الذي يصل عمره إلى قرن من الزمان. «الحياة» جالت داخل بعض المقاهي التي يشغلها عدد من اللبنانيين ويديرون سير العمل فيها، وأوضح مدير إحدى الصالات سليم العبسي أن الجالية اللبنانية تفضل ارتياد «الكوفي شوب» الذي يشغله عمالة لبنانية، سواء الطهاة أو مقدمي الخدمات والضيافة، مشيراً إلى أن سهولة التواصل وقراءة ما يريد العميل سريعاً يأتي في مقدمة الأسباب لقدوم هؤلاء إلى المقهى إلى جانب توافر الأكلات اللبنانية الشهيرة لديهم، مثل الفتوش والكبة والتبولة. وحول طبيعة الأحاديث التي تدور داخل المقهى، لم يخف مدير الصالة أن اللبناني عُرف بحبه للسياسة ومتابعته للأحداث كون الأوضاع الداخلية في بلاده تعيش فترة من النشاط السياسي، وهو ما وصفه ب«الدائم»، فالحديث عن الأحزاب السياسية لا ينتهي وأخبار تشكيل الحكومة وتسمية الوزراء وغيرها من المشاهد المألوفة في الشارع اللبناني تكون حاضرة، موضحاً أن هناك فئة تفضل عقد صفقاتها التجارية داخل المقهى على وقع أصوات «الأرجيلة» وتسيير أعمالها ومصالحها كافة. وكشف سليم أن «المقاهي اللبنانية» في الخارج استطاعت أن تجذب اللبنانيين كافة وتجمعهم لوجود رابط الاغتراب الذي يتشاركون فيه بعكس ما كان يحدث سابقاً (على حد قوله) عندما كانت التصنيفات تطغى على مقاهي «لبنان الوطن» سواء الأدبية التي يرتادها المثقفون والكتّاب والمفكرون، أو السياسية التي يرتادها الصحافيون والساسة وغيرهم، مؤكداً أن المقهى اللبناني خارج بلاده شكل ظاهرة صحية احتضن الجميع ووحد بينهم. وعن جذب الزبائن داخل ال«كوفي شوب» اللبناني، قال: «إن نكهات النرجيلة المختلفة يعد عاملاً مهماً لجذب زبائنه من الجنسيات المختلفة وخصوصاً اللبنانيين، لما عرف عن المجتمع اللبناني من مهارة وعناية وطقوس خاصة نحو الأرجيلة». في المقابل، اعتبر المهندس سمير عيتاني (لبناني) أن تخصيص يوم في الأسبوع للذهاب إلى المقهى، وتناول وجبات المطبخ اللبناني وتدخين الأرجيلة بصحبة عائلته أمر لا يمكن إلغاؤه أو تأخيره، منتقداً مصطلح ال«كوفي شوب» لأنه لا يتناسب مع الهوية التي تستمد من التراث اللبناني التي عادة ما تحرص عليها تلك المقاهي فهي تجمع بين شكل المكان إضافة إلى أصوات الموسيقى وأغاني الطرب اللبناني بأصوات فيروز وغيرهم من الفنانين. وأفاد أن للمقهى اللبناني شعبية كبيرة دفعت الكثير إلى تضليل زبائنهم والزج بمصطلح «لبناني» على واجهات محالهم ومقاهيهم.