تحل هذه الأيام الذكرى ال17 لرحيل الفنانة اليونانية ميلينا ميركوري التي صُنِّفت كإحدى أهم النساء اليونانيات في القرن العشرين وعرفت بالمرأة الشعلة. وبهذه المناسبة يقيم المركز الثقافي اليوناني للحضارة الهيلينستية في الإسكندرية احتفالاً تكريمياً للفنانة يتضمن إقامة معرض لأهم صورها خلال فترة عملها كممثلة وبوسترات أفلامها وبعض ملابسها. ويرصد المعرض أهم الجوائز والتكريمات التي حصلت عليها، كما يتعرض لمشوار حياتها ونضالها السياسي والفني، كما سيتم عرض أهم الأفلام التي لعبت دور البطولة فيها طوال حياتها، وتستمر هذه الفعاليات حتى الثامن من الشهر المقبل. وميلينا ميركوري فنانة لامعة ومناضلة سياسية ضد الحكم الديكتاتوري، شغلت الرأي العام والإعلام في اليونان فترة طويلة. اسمها الحقيقي اماليا ماريا ولدت في أثينا في 18 تشرين الأول (أكتوبر) 1920 وكان جدها سبيروس ميركوري تولى منصب رئيس بلدية أثينا، وفي بيته كبرت وبدأت بالظهور على الملأ في سن مبكرة وتعلمت من جدها الذي كان يلقب ب «سبيروس العظيم» الكثير من أمور السياسة. عملت ميلينا عامي 1944-1945 بالمسرح اليوناني، ثم انتقلت إلى باريس حيث تعرفت على فنانين ومسرحيين من أمثال جان كوكتو وفتحت لها بذلك آفاق الشهرة. عادت إلى اليونان لتتابع أدوارها المسرحية، وعندما وقع الانقلاب العسكري عام 1967 كانت في زيارة الى نيويورك، وهناك أدلت بتصريحات معادية لقادة الانقلاب الذين أمروا بنزع الجنسية اليونانية عنها، ثم انضمت إلى باقي الفنانين اليونانيين المعارضين للحكم العسكري من أمثال ثيودوراكيس. تعرفت الى السياسي الذي أصبح رئيساً لوزراء اليونان في ما بعد أندرياس باباندريو الذي كان يقوم بجولة أوروبية، وبالتنسيق مع جدها سبيروس شاركت في حفلات وتظاهرات واعتصامات ضد الانقلابيين، الذين منعوا أغانيها في اليونان وحجروا على ممتلكاتها في البلاد، وحاولوا اغتيالها في الخارج. توفي والدها عام 1968 وكانت في الخارج بلا جواز سفر أو هوية، فسمحت لها السلطات بدخول البلاد لساعات محدودة لتشييع جنازة والدها. وبعد أعوام وفي عام 1974 سقط الحكم العسكري في اليونان، وعادت ميركوري إلى أثينا حيث استقبلت استقبال الأبطال. شاركت ميلينا في تأسيس الحزب الاشتراكي اليوناني وأصبحت عضوة فعالة فيه، وتولت مناصب رفيعة، وفي الوقت نفسه كانت تقوم بأدوار مسرحية وتلفزيونية، وفي عام 1977 انتخبت نائباً عن منطقة بيريوس، وأعيد انتخابها عام 1981 ولدى وصول الاشتراكيين للحكم عام 1981 عينت وزيرة للثقافة وبقيت في هذا المنصب ثماني سنوات، استطاعت خلالها وبفضل صداقاتها ومعارفها الكثيرة أن تسهم بشكل فعال في رفع مستوى الحالة الثقافية في البلاد عبر تنظيم المعارض في اليونان وخارجها. ومن أهم مشاريعها مشروع استرداد المنحوتات التابعة لهيكل «البارثينون» المعروضة في المتحف البريطاني وظلت على محاولتها تلك طوال حياتها. وطالبت بعودة كافة الآثار القديمة منذ أيام الفراعنة والبابليين والآشوريين والكلدانيين والفينيقيين والتي نهبها الغرب من الشرق، واشتهرت عبارتها: «ليس في المتحف البريطاني شيء بريطاني سوى الاسم فقط». من أهم إنجازاتها دعوتها في عام 1983 وزراء الثقافة في أوروبا إلى مبادرة «عاصمة الثقافة الأوروبية» التي تحققت عام 1985 وانتخبت حينها أثينا «عاصمة الثقافة الأوروبية»، وتبنى الاتحاد الأوروبي هذه المبادرة، وتبنى وزراء الثقافة العرب المشروع في عام 1988 وتم اختيار القاهرة عاصمة للثقافة العربية عام 1996. توفيت ميلينا في السادس من آذار (مارس) 1994 في نيويورك.