يقوم الإتحاد الأوروبي باختيار مدينة أوروبية لمدة عام واحد لعرض جوانب الحياة الثقافية بها ومدى تطورها الفكري، ويتم اختيار العاصمة الثقافية بعد منافسة تشمل تقديم مشروع متكامل مع موازنة جاهزة، وفقاً لمساهماتها المقدمة بغض النظر إن كانت المدينة الفائزة هي عاصمة الدولة أم لا. في البدء كانت عاصمة الثقافة الأوروبية تسمى بمدينة الثقافة الأوروبية، واستوحيت الفكرة عام 1983 من قِبل ميلينا ميركوري، التي كانت وزيرة الثقافة في اليونان، واعتقدت ميركوري آنذاك أن الثقافة لم تلق نفس الإقبال الذي تحظى به امور السياسة والاقتصاد، وانصب اهتمام المشروع على تعزيز الثقافات الأوروبية داخل دول الإتحاد، وقد بدأ تنفيذ البرنامج صيف 1985 وكانت أثينا هي أول حاملة للقب، وخلال فترة الرئاسة الألمانية للعام 1999، تغير مسمى المشروع من مدينة الثقافة الى عاصمة الثقافة الأوروبية. واختيرت مرسيليا، ثاني أكبر المدن الفرنسية بعد العاصمة باريس، والواقعة في جنوبفرنسا على شاطىء المتوسط ، لتكون "العاصمة الأوروبية للثقافة في 2013"، وتعرض مرسيليا على مدار العام ووفق ثلاث مراحل أساسية، برنامجاً للأحداث الثقافية؛ يتضمن معارض، وحفلات، ومهرجانات تبرز جمال المدينة الفرنسية الشهيرة . وتستعد المدينة لجذب أكثر من اثني عشر مليون سائح من شتى أنحاء العالم؛ حيث سيكون هذا الحدث الثقافي الهائل المنظم، تحت شعار "المبتكر والمستحدث والمفاجىء" بمثابة قوة دفع وقاطرة للتنمية الاقتصادية والثقافية في مرسيليا، ومركز إشعاع وجاذبية لها على الصعيد الدولي، ومن المقرر أن يقام نحو خمسمائة حدث ثقافي في المدينة الساحلية المتوسطية، خلال الفترة ما بين الثاني عشر يناير الجاري وحتى نهاية ديسمبر من نفس العام . تجدر الإشارة الى أن مرسيليا تأسست حوالي عام ستمائة قبل الميلاد على يد بحارة يونانيين من فوسيا في آسيا الصغرى المعروفة بإسم ماساليا، وتعد ثالث أكبر مدن فرنسا بعد العاصمة باريس ومدينة ليون، وتقع في جنوب البلاد على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وتعتبر أهم ميناء بحري بفرنسا، كما تتميز هذه المدينة عن بقية المدن الفرنسية بوجود نسبة كبيرة من العرب و المسلمين بها. كما احتلت مرسيليا مكاناً بارزاً ضمن تاريخ التبادل التجاري في منطقة المتوسط، وعليه كانت أفضل من شكّل رمزاً للإرادة السياسية المشتركة للبلدان الأعضاء في الاتحاد من أجل المتوسط، من أجل إعادة إطلاق الجهود بغية تحويل هذا الفضاء إلى منطقة سلام، وديموقراطية وتعاون وإزدهار، وهذه المنطقة الثرية في تنوعها وتاريخها وتراثها هي مقصد رئيسي في أوروبا، وتتمتع مدينة مرسيليا بشبكة مواصلات شاسعة من خلال المطار الدولي وخطوط السكك الحديد السريعة، بجانب مرفأ المدينة الساحلية والطرق تربط بين أكبر مدن أوروبا يتوافد إليها السياح من مختلف دول العالم. كما خصصت المدينة حوالي ستمائة مليون يورو لإعادة التأهيل وبناء المرافق الثقافية الكبرى، كمتحف حضارات أوروبا والمتوسط في مرسيليا، وتوسيع متحف غرانيت في إكس أون بروفتنس، ومشروع مجمع محترفات فرانك جيهري في آرل، ومن المنتظر أن تحقق المدينة ستة اضعاف هذه الميزانية من عوائد وايرادات هذه المشروعات. يُذكر أن فرنسا اختيرت ثلاث مرات من قبل لنيل هذا الشرف الرفيع، والمدن المختارة هي على التوالي باريس عام 1989، وأفينيون عام 2000، وليل عام 2004. .