أثينا، لندن، بكين - أ ف ب، رويترز - وجدت الصين نفسها، بعدما طالبتها أوروبا بالمساعدة لتخطي أزمة ديونها، في موقع القوة قبل قمة مجموعة العشرين في كان المقرّرة غداً والجمعة. ولكن خلافاً لما يخشاه البعض، فإن بكين ليست سيدة الموقف، حتى الآن. وإن كانت طلبات منطقة اليورو رفعت مكانة الصين، إلا أن الأخيرة تلقّت هذه الطلبات بحذر شديد، ولا تعتزم تقديم أي أموال من دون مقابل تراه مناسباً. ويبقى أن أوروبا، بتوجهها إلى ثاني اقتصاد عالمي، نصّبت الصين الشيوعية في موقع «أمين خزينة العالم»، في وقت تموّل حالياً العجز المالي الأميركي الضخم. وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي معلقاً على اليد الممدودة إلى بكين إن «ذلك لن يؤثر إطلاقاً على استقلاليتنا»، إلا أن منافسه في الانتخابات الرئاسية المقبلة المرشح الاشتراكي فرنسوا هولاند صرّح أخيراً إلى صحيفة «لوموند» أن «الصين باتت سيدة اللعبة، إذ أن قمة مجموعة العشرين ستكرس الإمبراطورية الاقتصادية الصينية». وكانت مشاعر الريبة حيال الصينيين قوية حتى قبل الأزمة الأوروبية، خصوصاً بعدما اشتروا امتيازاً في «مرفأ بيريوس» اليوناني وسندات ديون برتغالية وإسبانية، ويقومون حالياً بشقّ طرقات في إفريقيا وقد يصدّرون قريباً قطارات فائقة السرعة إلى كاليفورنيا. لكن خبراء أكدوا أن «الصين ليست سيدة الموقف، وأوروبا تستطيع تفادي وضع نفسها في موقع التبعية المسرفة»، مشيرين إلى أن «الأوضاع في الصين هشة». فعلى رغم امتلاك الصين احتياطات ضخمة من العملات الأجنبية (3200 بليون دولار)، إلا أنها تواجه تحديات كبرى، منها إعادة توجيه اقتصادها لتركيزه على الطلب الداخلي، وإخراج 150 مليون نسمة من الفقر، وإقامة أنظمة رعاية اجتماعية باهظة الكلفة ومواجهة الحالات البيئية الطارئة. إلى ذلك، أعلن مكتب ساركوزي أمس أن الرئيس سيجري اتصالاً هاتفياً بالمستشارة الألمانية أنغيلا مركل بعد قرار اليونان إجراء استفتاء على حزمة المساعدات. اليونان وكان رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو أعلن ليل أول من أمس، تنظيم استفتاء على حزمة مساعدات جديدة من الاتحاد الأوروبي، طالباً من الناخبين اتخاذ قرار بقبولها أو رفضها. وأضاف أنه سيطلب أيضاً تصويتاً على الثقة لضمان دعم سياسته الاقتصادية خلال الفترة المتبقية له في منصبه، والتي تنتهي عام 2013. وقال متوجهاً إلى الكتلة البرلمانية الاشتراكية: «إرادة الشعب اليوناني ستُفرض علينا، وسأطلب من البرلمان التصويت على الاتفاق». وأظهر استطلاع للرأي نشر نهاية الأسبوع الماضي أن معظم اليونانيين يرون أن قرارات القمة سلبية، في حين رأى 12.6 في المئة فقط عكس ذلك. ووصفت صحف يونانية الاستفتاء بأنه مخاطرة سياسية كبيرة بالنسبة للحكومة، في حين هبطت الأسهم اليونانية بشدة في التعاملات المبكرة أمس بسبب مخاوف من أن يؤدي القرار إلى فترة طويلة من عدم اليقين. وهبط مؤشر أسهم البنوك 13.3 في المئة، وتراجع مؤشر بورصة أثينا العام 6.5 في المئة. بريطانيا تواجه صعوبات إلى ذلك، أكد وزير المال البريطاني جورج أوزبورن أمس إن اقتصاد بلده يواجه صعوبات في التعافي، وأن أزمة الديون الأوروبية ستزيد من هذه الصعوبات، بعدما أظهرت أرقام أن الاقتصاد نما أكثر من المتوقع في الربع الثالث. وأظهرت بيانات رسمية أن الناتج الاقتصادي ارتفع 0.5 المئة ما بين تموز (يوليو) الماضي وأيلول (سبتمبر)، متجاوزاً توقعات بلغت 0.4 في المئة فقط. وأكد أن الحكومة ستتمسك بخطة التقشف، مشدّداً على أن هذا السبيل الوحيد نحو الرخاء الاقتصادي والتعافي. وناشد اليونان بأن تتمسك بخطة الإنقاذ التي وافق عليها قادة الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي.