انخفضت أسعار النفط أمس، لكنها حافظت على معظم المكاسب التي حققتها في الآونة الأخيرة بدعم خفوضات الإنتاج التي تقودها «منظمة البلدان المصدرة للبترول» (أوبك)، والتوتر في الشرق الأوسط وتراجع الإنتاج الأميركي. ونزل خام «برنت» إلى 57.40 دولاراً، ما يزيد على مستويات منتصف السنة بحوالى 30 في المئة. ونزلت العقود الآجلة للخام الأميركي 51.39 دولاراً البرميل، وهو مستوى أعلى حوالى 25 في المئة من أدنى مستويات حزيران (يونيو). وأشارت «إدارة معلومات الطاقة الأميركية» أول من أمس، إلى أن مخزون الخام تراجع نحو 5.7 مليون برميل للأسبوع المنتهي في 13 تشرين الأول (أكتوبر) إلى 456.49 مليون برميل. وانخفض الإنتاج الأميركي 11 في المئة مقارنة بالأسبوع السابق إلى 8.4 مليون برميل يومياً، وهو أدنى مستوى منذ حزيران 2014، وذلك بعد إغلاقات نتجت من إعصار. وهناك أخطار على الإمدادات أيضاً من عدم الاستقرار السياسي في مناطق إنتاج مهمة بالشرق الأوسط. ولفت محللون في مؤسسة «جيفريز» إلى أن سوق النفط تتجه صوب عجز متواضع في الإمدادات، وأن من المتوقع أن يستمر ذلك حتى نهاية السنة على الأقل. وأضافوا أن الخفوضات العميقة في الكلفة بقطاع النفط سينتج منها عائدات أكثر جاذبية للتدفقات النقدية الحرة. وتتوقع «جيفريز» أن يستمر خفض الإنتاج طوال عام 2018، وأن تتوازن الأسواق، وتجد الأسعار دعماً فوق نقطة التعادل عند 48 دولاراً. في سياق مرتبط، انخفضت صادرات النفط من إقليم كردستان العراق إلى ميناء جيهان التركي لتبلغ نحو 240 ألف برميل يومياً في المتوسط. وتوقفت التدفقات لفترة وجيزة في الساعات المبكرة من أول من أمس، قبل أن تعود بمعدل بلغ نحو 225 ألف برميل يومياً عند الظهيرة. وقبل التعطل كانت الإمدادات عبر خط الأنابيب قريبة من 600 ألف برميل يومياً. ووفقاً للمصدر، فإن كمية قدرها 440 ألف برميل متوافرة للتحميل. وتوقع مسؤول في وزارة النفط العراقية تعافي إنتاج كركوك النفطي بحلول الأحد، متهماً السلطات الكردية بنقل بعض المعدات من حقلي «باي حسن» و «أفانا» النفطيين. إلى ذلك، قال الأمين العام ل «أوبك» محمد باركيندو إن «سوق النفط تستعيد توازنها» في أعقاب جهود خفض الإنتاج التي يبذلها منتجو النفط العالميون، مضيفاً أن استعادة التوازن تجري بوتيرة متسارعة. وأضاف خلال خطاب ألقاه في مؤتمر في لندن، أن «توازن سوق النفط يلوح في الأفق»، مشيراً إلى أن «مخزون النفط في الدول المتقدمة انخفض مجدداً في أيلول (سبتمبر) لتبلغ نحو 160 مليون برميل فوق متوسط 5 سنوات»، لافتاً إلى أن «نمو الطلب العالمي على النفط قوي، وثمة مؤشرات على تعزز الاتجاه»، متوقعاً «تجاوز الطلب على النفط 100 مليون برميل يومياً في 2020». وتابع: « نتطلع لمزيد من الاجتماعات مع منتجي النفط الصخري الأميركي قريباً جداً». وفي سياق متصل، قال وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي خالد الفالح في تصريحات أذيعت أمس، إنه أجرى مباحثات مع رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى حول الاجتماع المقبل لمنظمة «أوبك» المقرر أن يعقد في تشرين الثاني وجهود إعادة التوازن إلى أسواق النفط في 2018. وأضاف للإذاعة الرسمية الجزائرية أن الجانبين سينظران في ما سيتم الاتفاق عليه خلال اجتماع «أوبك» لمواصلة التحرك المشترك الرامي إلى استعادة استقرار أسواق النفط عام 2018. إلى ذلك، أكد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية إيغور سيتشن خلال منتدى لقطاع الطاقة في فيرونا، أن «إنتاج النفط الصخري في الولاياتالمتحدة قد يؤدي إلى زيادة الإمدادات بشدة في 2018، وزعزعة استقرار السوق مجدداً». وأضاف أن مخزون النفط العالمي لم يصل بعد إلى مستواه الطبيعي، وأن من السابق لأوانه الحديث عن نقطة تحول في ما يتعلق بإعادة الاستقرار إلى سوق النفط، مشيراً إلى أن دورة الاستثمار في قطاع الطاقة، والتي لا تتماشى مع الاقتصاد العالمي، تخلق ظروفاً لحدوث عجز في النفط مستقبلاً والمزيد من التقلب في الأسعار. ولفت إلى أن «الشركة تجري محادثات مع طهران لإقامة سلسلة إمدادات لنقل النفط من إيران ودول آسيا الوسطى إلى الأسواق العالمية، مشيراً إلى أن «روسنفت ستقيم شراكة مع سي إي اف سي الصينية في عدد من المشاريع التي تشمل التنقيب والإنتاج والتكرير وتجارة الخام والمنتجات النفطية»، مضيفاً أن الشركة تنوي زيادة إمدادات النفط إلى الصين 10 ملايين طن في 2018. وأضاف أن هيكل مساهمي «روسنفت» اكتمل بعد أن أكدت الشركة الصينية الشهر الماضي أنها ستشتري حصة تبلغ 14.16 في المئة في شركة النفط من كونسورتيوم «غلينكور» و»جهاز قطر للاستثمار». وفي شأن الغاز المصري، لفت سيتشن إلى أن الشركة «تنظر بإيجابية» لفكرة ممارسة خيار شراء 5 في المئة أخرى في حقل الغاز المصري «ظُهر». وتملك «روسنفت» 30 في المئة في «ظُهر»، أكبر مكمن للغاز في البحر المتوسط، اشترتها من «إيني» الإيطالية مقابل 1.125 بليون دولار. ومن المقرر بدء الإنتاج نهاية السنة. وأشار إلى أن بعض الغاز الذي سينتجه الحقل يمكن توريده إلى أوروبا.