أثار تشريع مجلس النواب اليمني أمس قرار إعلان حالة الطوارئ في البلاد غضب عشرات آلاف المعتصمين المطالبين بإسقاط النظام في ساحات الاحتجاج منذ خمسة أسابيع، وأعلنت حركة الشباب في «ساحة التغيير» في صنعاء غداً الجمعة «يوم الرحيل»، وأيدتها أحزاب المعارضة التي قالت انه إذا لم يرحل الرئيس علي عبدالله صالح في غضون أسبوع فسيكون يوم الجمعة من الأسبوع المقبل «يوم الزحف إلى القصر الرئاسي»، مع ما يعنيه ذلك من تصعيد هو الأخطر لأنه يؤشر إلى احتمال وقوع صدامات بين المحتجين وقوات الحرس الرئاسي والحرس الجمهوري. وفي هذا الوقت، أعلن مصدر في رئاسة الجمهورية أن علي صالح قبل بالنقاط الخمس التي اقترحتها أحزاب المعارضة في «اللقاء المشترك» مطلع الشهر الجاري لانتقال السلطة سلمياً قبل نهاية هذا العام. وكانت أحزاب «المشترك» كررت امس موقفها الرافض لأي حوار أو تفاوض مع النظام بعد مذبحة الجمعة الماضي، وطالبت الرئيس بالتنحي فوراً عن منصبه، بعدما تسلمت وثيقة مكتوبة يؤكد فيها موافقته على معظم شروطها. وتنص الوثيقة على «تشكيل حكومة وفاق وطني تكون مهمتها تشكيل لجنة وطنية لصياغة دستور جديد للبلاد» وعلى «صياغة قانون للانتخابات والاستفتاء على أساس القائمة النسبية». كما تنص على «تشكيل اللجنة العليا للانتخاب والاستفتاء» و»الاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات البرلمانية» ثم «يقوم البرلمان الجديد بتشكيل الحكومة وانتخاب رئيس الجمهورية مباشرة بنهاية 2011». وكان مجلس النواب أيد امس قرار الرئيس فرض حالة الطوارئ لمدة ثلاثين يوماً بغالبية 162 نائباً من اصل 164 نائباً حضروا الجلسة وينتمون جميعهم إلى حزب «المؤتمر الشعبي العام» الحاكم. ويظهر التصويت التقلص الكبير في الغالبية المؤيدة للرئيس اليمني الذي كان يحظى بدعم 240 نائباً من اصل 301 قبل بدء الحركة الاحتجاجية المطالبة برحيله في نهاية كانون الثاني (يناير) الماضي. وأكدت مصادر برلمانية أن اكثر من 50 نائباً انشقوا عن حزب «المؤتمر الشعبي العام» الحاكم، وقاطعوا الجلسة مع باقي النواب المعارضين والمستقلين. وتلا النائب المستقيل عبده بشر بياناً في «ساحة التغيير» باسم زملائه المقاطعين اكد فيه أن مجلس النواب يفتقد الشرعية الدستورية ولا يحق له مناقشة قانون الطوارئ شكلاً ومضموناً، مؤكداً أن التصويت ارتكز على قانون كان يسري في شمال اليمن قبل الوحدة مع الجنوب. وطعنت المعارضة بنصاب الجلسة وشرعيتها. وقال النائب عبدالرزاق الهجري العضو في «التجمع اليمني للإصلاح» (إسلامي معارض) إن «تزويراً فاضحاً» حصل في جلسة البرلمان، مؤكداً أن 133 نائباً فقط من اصل 301 حضروا الجلسة وليس 164 كما اعلن رسمياً. ويفرض قرار الطوارئ الذي اعلنه الرئيس صالح الجمعة الماضي بعد ساعات على مذبحة «ساحة التغيير» قيوداً على حرية الأشخاص في الاجتماع أو الانتقال أو الإقامة أو المرور في أماكن أو أوقات معينة. كما يفرض قيوداً على المحال التجارية ويسمح بتحديد مواعيد فتحها وإغلاقها وكذلك الأمر بالإغلاق التام لهذه المحال كلها أو بعضها. ويسمح القانون للسلطات الحكومية بمراقبة سائر أنواع المراسلات ووسائل الإعلام المختلقة المقروءة والمرئية والمسموعة، ودور العرض وما في حكمها، وشبكات وسائط المعلومات والاتصالات والمؤلفات والنشرات وكل وسائل التعبير والدعاية والإعلان، ومنعها وضبطها ومصادرتها وتعطيلها وإغلاق مقارها وأماكن طباعتها. كما يسمح ب «الاستيلاء الموقت على أي منشأة أو أي منقول أو عقار والأمر بفرض الحراسة على الشركات والمؤسسات وحجز الأموال وتأجيل أداء الديون والالتزامات المستحقة أو التي تستحق على ما تم حجزه أو الاستيلاء أو فرض الحراسة عليه». وقال خبراء في القانون الدستوري إن الدستور اليمني حدد ثلاث حالات لإعلان حالة الطوارئ وهي «قيام الحرب أو الفتنة الداخلية أو الكوارث الطبيعية»، مشيراً إلى أن استناد الإعلان إلى سبب «الفتنة الداخلية» أمر غير موجود كون هذا السبب يعني وقوع «اقتتال أهلي» سواء على أساس قبلي أو مناطقي أو طائفي. وأشار هؤلاء إلى أن الدستور ينص على أن فرض حالة الطوارئ يكون على ما «يحدده القانون»، وذلك يعني أن هناك لزوماً دستورياً لإصدار قانون مكمل لهذا للنص الدستوري يعنى بتحديد «الماهية القانونية لحالة الطوارئ والآثار القانونية لفرض حالة الطوارئ والحد الأقصى لزمن سريانها»، وقالوا «الثابت أنه لا يوجد قانون بهذا الخصوص».