فاز جورج سوندرز (58 سنة) بجائزة مان بوكر عن عمله الروائي الطويل الأول «لنكولن في الباردو» الصادر عن دار راندوم هاوس. وهو الأميركي الثاني الذي ينال الجائزة التي انحصرت أولاً بأدب بريطانيا ودول الكومنولث، تم توسعت لتشمل كل الكُتّاب بالإنكليزية منذ أربعة أعوام. وكان مواطنه الأسود بول بيتي حاز عليها العام الماضي عن الخيانة، وزاد مبيع روايته بعدها ليبلغ أربعمئة ألف نسخة. تبلغ قيمة الجائزة خمسين ألف جنيه إسترليني، وكثيراً ما ينال الفائز بها جوائز أخرى بعدها. مدحت البارونة يونغ، رئيسة اللجنة الحكم، الابتكار والاختلاف في الرواية، والسرد المرح والذكي والمؤثر. ضمّت اللجنة الحكم الروائية سارة هول، الفنان توم فيليبس، الناقدة البريطانية الإيرانية كيلى عزام زنغنه وكاتب الأسفار كولن ثوبرن. انقسمت اللائحة القصيرة الى ثلاثة بريطانيين بينهم الأسيوي محسن حميد وثلاثة أميركيين منهم بول أوستر. خطرت فكرة الرواية لسوندرز، أحد أكبر كُتّاب القصة القصيرة في الولاياتالمتحدة، حين أخبره صديق في التسعينات أن الرئيس الأميركي السادس عشر آبراهام لنكِولن تردّد على قبر ثالث أبنائه وحضنه. اقترنت صورتان في باله، نصب لنكِولن التذكاري والنائحة، لكنه أحس أن الكتابة تطلّبت موارد لم يملكها حينها. تركّز الرواية على ليلة في شباط (فبراير) 1862 حين يزور الرئيس الحزين مقبرة أوك هِل ليلاً، ومحاولة الأرواح العالقة بين الحياة والموت مساعدة الطفل على الرحيل النهائي لإنقاذه من مصير أليم. «لنكِن في الباردو» أكثر الروايات المرشحة اختباراً، وكلمة «باردو» تعني في البوذية التيبتية الحياة الواعية والأحلام والتأمل، وخصوصاً فترة الانتقال الواعي من الموت الى الانبعاث. لنكِولن العالق في الباردو هو ويلي، الذي جعلته وسامته وعذوبته فتى الأسرة المدلّل. أصيب بالتيفوئيد، وأسبغ والداه عليه بعد وفاته صفات غير دنيوية. قال الأب الرئيس إنه كان أطيب من أن يعيش على هذه الأرض، ورأت والدته أن طبيعته كانت دائماً لاأرضية. ينفي مؤرخون أن الرئيس حضن جثة ابنه في المقبرة، وقال المطران ماثيو سمبسن في عظة الدفن أنه ذكر أنه كان يتحدّث الى ويلي منذ رحيله كأنه كان معه. يصف سوندرز بإسهاب حفلة باذخة كان على الرئيس أن يقيمها فيما ابنه يعاني من الحمى في سريره. انتقل الأطفال سريعاً الى الحياة الآخرة، لكن حزن لنكِن جعل الطفل، ابن الحادية عشرة، يرغب في البقاء من أجل والده. تحفل المقبرة بأرواح ترفض إتمام الرحلة الى الآخرة، وتبقى في أجسادها أو قربها. لكن بقاء الأطفال معلقين في هذه الحال تسبّب لهم بالتصاق أليم ومرعب بالتابوت، وهذا ما أرادت أرواح ثلاثة إنقاذ ويلي منه. يدعو هانز فولمان تابوته «صندوق مرض» موقتاً، ويريد العودة بعد «شفائه» الى زوجته الشابة التي كان بدأ يتمتع بزواجه منها حين انهار السقف وقتله. انتحر جون بيفنز، لكنه قرّر حين بدأ جسده يفرغ من الدم أن يقبل مثليته ويعيش، وسيبقى معلقاً حتى يعترف أن قراره جاء متأخراً. يعرف القس إفرلي توماس أنه ميت وملعون، لكن لديه أسبابه الخاصة لتأخير رحيله. تتشوّه الأرواح العالقة في الباردو «جسدياً»، وبيفنز يملك الآن أيدي عدة مثل إله هندوسي. جين إليس التي لا تريد فراق بناتها الثلاث تعذّبها ثلاثة مصابيح مضاءة. رحل بخيل متمسّك بأملاك الدنيا يحلّق أفقياً ويواجه المبنى الذي يشغله أكثر من غيره. يبدو الرئيس المفجوع الطويل القامة تمثالاً لموضوع الخسارة، ويتأثر فولمان وبيفنز وتوماس بلمسه الحنون لطفله الذي يحفظ حقّه في الحب والاحترام. تمنح عاطفة الأب القس الأمل بالخلاص الذي اعتقد أنه ميؤوس منه، وتعمل الأرواح الثلاثة على إقناع الطفل بالرحيل علّها تنقذ أنفسها أيضاً، لكنها ستكون ليلة طويلة. يجلس ويلي على قبره وهو يضع رجلاً على رجل، وينتظر زيارة والده ولمساته الحنونة. تدخل الأرواح جسده لتعيده الى قبره وتقنعه بأن والده يريده أن يكون في مكان رائع، حرّاً من العذاب والألم.