لم تخل التظاهرات العراقية من المواقف والشعارات الطريفة التي اطلقها الشباب محاولين التعبير عن آلامهم وهمومهم بطريقة خاصة، فيما اقدم بعضهم على القيام بتصرفات مضحكة للتنبيه إلى مشاكلهم حول البطالة ونقص الخدمات. وحرصت غالبية الخريجين العاطلين من العمل على المشاركة في التظاهرات وهم يرتدون زي التخرج الجامعي وأقدم بعضهم على القيام بتنظيف الشوارع بمكنسة تقليدية للإشارة إلى البطالة وعدم حصولهم على فرص العمل بعد التخرج بينما رقص آخرون على وقع الموسيقى بشكل تعبيري وساخر، ما أثار اهتمام الصحافيين. وفي إحدى التظاهرات الاحتجاجية رفع شاب لوحة تعريفية كتب عليها: «الهوية: عراقي. الاسم: مواطن. المهنة: على الرصيف. العمر: ضايع. لون الشعر: ابيض من القهر. الوطن: دايخ. الوضع: ضايع. البنية: خدمة ماكو. العين: حمرا من السهر». وطاف الشاب بلوحته تلك ساحة التحرير ساعات قبل أن يحملها معه إلى المنزل شأنه شأن بقية المتظاهرين الذين احتفظوا بشعاراتهم لنشاطات احتجاجية لاحقة. ورفع متظاهرون آخرون لوحات وشعارات لافتة، وأقدم احدهم على استخدام مطلع أغنية قديمة للمطرب العراقي كاظم الساهر تحمل عنوان «بعد الحب» وكتب في شعاره الذي حمله أثناء التظاهرة: «بعد الحب وبعد العشرة (الانتخابات) نتلاكه (نتقابل) مثل الأغراب»، معتبراً أن الانتخابات النيابية هي التي كانت تمثل الحب والعشرة بين الشعب والحكومة وإن عدم إيفاء النواب بالوعود هو الذي تسبب بالغربة تماماً كما قالها الساهر عن حبيبته، ووقع المتظاهر شعاره باسم «الشعب الساهر». وفي أوسع تظاهرة في بغداد، انطلقت في 25 شباط (فبراير) الماضي، حمل احد المتظاهرين سعفة نخيل وبعض الأغصان اليابسة، كدليل على نقص الوقود في بلاد النفط وأخذ يهتف «ماكو نفط... متنا برد! جيب الحطب واخذ خبز». وسار المتظاهر وحده ساعات في شارع السعدون وساحة التحرير وهو يهتف بأهازيج شعبية دفعت الكثيرين إلى التقاط صور تذكارية له وهو يحمل سعفة النخيل الجافة وبعض أغصان الأشجار اليابسة ويدور بها. والطريف أن غالبية المتظاهرين أدوا صلاة الجمعة على شعاراتهم أثناء استراحتهم في حديقة الأمة وسط ساحة التحرير في بغداد، فيما اقدم بعضهم على لفها فوق رؤوسهم أو حول وسطهم والعودة بها بعد انتهاء تظاهراتهم. وحضر بعض المتظاهرين مع عائلاتهم رافعين شعاراً فردياً بصيغة الأمر إذ رفع متظاهر شاب ملصقاً من القماش ساعدته زوجته في رفعه طوال تظاهرة 25 شباط كتب عليه: «العراقي المظلوم يطالب بالتعيين والخدمات... حرامي لا تصير من الصحافة والشعب لا تخاف»، مستمداً بعض كلماتها من المثل الشعبي العراقي القائل: «حرامي لا تصير من السلطان لا تخاف». ومن المواقف الطريفة الأخرى اعتماد عناصر مكافحة الشغب على تناول البسكويت طوال فترة تواجدهم في ميدان التظاهر لشعورهم بالجوع وعدم قدرتهم على تناول الطعام في المطاعم التي فتحت أبوابها للمتظاهرين. وكشفت تظاهرات بغداد على رغم بساطتها قياساً بالتظاهرات التي انطلقت في دول عربية أخرى، قدرة العراقيين على استنباط السخرية والتهكم من المواقف الصعبة.