لم تفوّت الأسر العراقية التظاهرات التي تنطلق يوم الجمعة من دون مشاركة منها، وعلى رغم ان غالبية المتظاهرين الذين يفدون في كل يوم جمعة الى ساحة التحرير يأتون برفقة أصدقائهم أو معارفهم أو بعض الجيران، إلاّ أن الكثير من العائلات العراقية فضّلت ان تزور الساحة في شكل جماعي، هذه المرة، وان تحمل لافتات خاصة بمطالبها، أعطت مهمة رفع شعاراتها إلى الأطفال اثناء التظاهر، أو تعاون على رفعها كلا الزوجين وتركوا الأطفال يلعبون بين المتظاهرين. وعمدت بعض الأمهات إلى جلب أطفالهن إلى ساحة التحرير، التي باتت عنواناً للتظاهر كل يوم جمعة باعتباره اليوم الاسبوعي المخصص للتظاهر في العراق، للمطالبة بالخدمات ومحاربة الفساد وتغيير قانون الانتخابات وقانون الاحزاب وإخراج المعتقلين وغيرها من المطالب الشعبية الأخرى. وحمل بعض الأطفال لوحات تشير إلى مطالبهم ومطالب عائلاتهم، فيما رفع آخرون أعلاماً صغيرة طافوا بها مع المتظاهرين، واكتفى آخرون باللعب بين المتظاهرين والتفرج عليهم رغم حض عائلاتهم لهم على الهتاف لمصلحة المطالب الشعبية، لكن خجلهم من كثرة الجموع الوافدة منعهم من ذلك. ومن الطريف ان بعض الأطفال صمّموا على اعتلاء كتف الأب شرطاً للهتاف بين جموع المتظاهرين، فالزحام الكبير الذي شهدته الساحة في بعض التظاهرات جعلت المتظارهين الصغار يتذمرون من الهتاف بين المتظاهرين الذين يفوقونهم في الطول وضخامة الصوت. وتقول راوية التي اصطحبت اولادها الثلاثة الى الساحة أن الصغار صمّموا على حمل اللافتات والهتاف مع المتظاهرين، وأنهم طالبوها بإعداد الشعارات والأعلام مسبقاً واختار كل منهم شعاراً خاصاً. وتقول: «استيقظوا من الصباح مستعدين ومتحمسين، أعددنا كل شيء وخرجنا معاً، فالتظاهرات فرصة مناسبة كي يتعلموا منها كيفة المطالبة بحقوقهم مستقبلاً». وكما حضرت الأمهات مع اطفالهن حضر بعض الآباء مع صغارهم الذين اصروا على الخروج الى التظاهرات والمشاركة فيها رغم عدم ادراك الكثيرين منهم لطبيعة الشعارات التي كانوا يحملونها. ويؤكد احد المتظاهرين الذين وفدوا برفقة اطفالهم الى ساحة التحرير ان صغيره أصرّ على مرافقة والده والمشاركة في التظاهر، على رغم رفض الأخير الفكرة خوفاً من تعرضه لمكروه عند هجوم قوات الأمن على المتظاهرين. ويضيف: «استيقظ مبكراً في الصباح وقال لي انه عراقي، ويريد ان يشارك فأحرجني بجملته وسمحت له بالمجيء». حمل الوالد، المتظاهر الصغير أكثر من ساعتين لأن الأخير رفض أن يكون أقل قامة من باقي المتظاهرين، فوجد في اكتاف الأب وسيلة كي يفوقهم طولاً ويرفع العلم الذي جلبه معه من المنزل. وفضلت عائلات اخرى ان تشارك في التظاهرات بعيداً من عيون اطفالها وفضول رؤوسهم الصغيرة، ووقف بعض الأزواج وهم يحملون لافتات تحمل شعارات وتوصيات للحكومة والمسؤولين استعان بعضهم بالأمثال الشعبية لخط تلك الشعارات التي حملوها مع زوجاتهم. ويقول متظاهر حمل لافتة طويلة مع زوجته، انه خطّ اللافتة بيده قبل يوم التظاهر، وأرسل أطفاله الى بيت جدتهم لأمهم قبل ان يتوجه مع زوجته إلى ساحة التحرير ليشارك في التظاهرة. ويضيف: «خشيت ان يتعرض الاولاد الى مكروه ما، ففضلت ان اشارك انا وزوجتي فحسب». ويسعى الداعمون للتظاهرات الى اشراك العائلات العراقية بشكل أكبر في التظاهرات المقبلة، لإضفاء جو اجتماعي مختلف، على النشاط السياسي الاسبوعي الذي بات يستقطب الكثير منها.