نزل عاملون في القطاع العام الى الشارع في باريس ومدن كبرى في فرنسا أمس، في يوم تعبئة ضد تدابير حكومية «غير مقبولة»، وذلك بدعوة من اتحاداتهم النقابية. وبين الإجراءات التي يحتج عليها القطاع العام، إلغاء نحو 120 ألف وظيفة عامة في غضون السنوات الخمس المقبلة، وتجميد الأجور وتعديل نظام التقاعد المميز الخاص بهذا القطاع، بحيث يصبح مشابهاً للنظام المعتمد في القطاع الخاص. وعكس التحركات المناهضة لإصلاح قانون العمل، والتي تفرّد في الاحتجاج عليها اتحاد نقابات «سي جي تي» الشيوعي، أيّدت الاتحادات النقابية التسعة في القطاع العام تحرك أمس، وعبّرت عن خلاف عميق مع الحكومة في شأن التدابير المعلنة، في إطار الحد من الإنفاق العام. وأدت وحدة الموقف النقابي الى ما لا يقل عن 130 تظاهرة في فرنسا، والى اضطراب في حركة النقل وفي مراكز تعليمية ومرافق عامة أخرى. لكن نسبة التجاوب مع الدعوة الى الإضراب والتظاهر كانت محدودة، اذ لم تتجاوز 17.5 في المئة في القطاع التربوي، كما لم تسبّب تعطيل وتيرة البلاد، على رغم أنها الدعوة الموحدة الأولى التي تصدر عن الاتحادات النقابية منذ نحو 10 سنين. وعلى رغم ذلك، لم يخلُ الأمر من تسجيل حوادث، نتيجة انضمام فئات طالبية الى التعبئة وإقدام طلاب على إحراق مستوعبات نفايات أمام ثانوياتهم في باريس. وتأتي تحركات العاملين في القطاع العام بعد تجاوب محدود جداً مع الاحتجاجات التي شهدتها فرنسا، اثر إقرار إصلاح قانون العمل، ما دفع معلقين للقول إن الفرنسيين ملّوا المواجهات وباتوا ربما يدركون ضمناً أن تحريك الجمود المسيطر على بلادهم منذ عقود يتطلّب إجراءات مؤلمة وتضحيات. ويراهن المشاركون في التظاهرات على إمكان تصويب كيفية توزيع التضحيات، في ظل شعور مفاده بأن الرئيس إيمانوييل ماكرون وحكومته يستهدفان الفئات الاجتماعية غير الميسورة ويحمّلانها أعباء الإصلاح، فوُصف ماكرون ب «رئيس الأثرياء». وتنفي الحكومة الفرنسية تحاملها على العاملين في القطاع العام وانتقاصها من قدرتهم الشرائية، فيما أعلن وزير الموازنات العامة جيرالد دارمانان أنه سيلتقي ممثلي الاتحادات النقابية للقطاع العام في 16 الشهر الحالي، لمناقشة موضوع الأجور. لكن الحكومة تبدو عازمة على عدم التراجع عن التدابير الأخرى الخاصة بالقطاع العام، والذي يشكّل العاملون فيه 20 في المئة من العاملين في فرنسا. وأكد رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب أنه «يتحمّل بالكامل مسؤولية التدابير المُتخذة»، لافتاً الى أن الموظفين «لم يُستبعدوا يوماً وهم أساسيون في سير العمل في بلدنا».