قررت مجموعة السبع للدول الصناعية الكبرى أمس، التدخل في شكل مشترك في سوق العملات، لوقف صعود حاد للين الياباني يعرقل جهود اليابان للتعافي من الدمار الذي أحدثه زلزال عنيف الأسبوع الماضي وتداعيات أزمة نووية، ما استدعى من البنك المركزي الياباني ضخ ثلاثة تريليونات ين (39 بليون دولار) إضافية في أسواق النقد. وهدف المركزي الياباني إلى تأمين سيولة للمصارف اليابانية عقب الزلزال المدمر واضطراب أسواق المال، علماً أن سبب ارتفاع الين أمام الدولار وتسجيله أول من أمس رقماً قياسياً عند 76.25 ين أمام الدولار، عزي إلى مضاربات على العملة اليابانية وعمليات شراء اضطرارية للعملة منذ وقوع الزلزال، إضافة إلى قيام مستثمرين يابانيين ببيع أصول في الخارج لتحويل أموال إلى بلادهم. لكن تدخل المركزي الياباني والمصارف المركزية في دول المجموعة أمس عبر شراء الدولار في مقابل الين، رفع سعر الدولار أمام الين إلى معدله السابق لزلزال الجمعة الماضي عند 81 - 82 يناً. ويُلحق ارتفاع سعر الين ضرراً كبيراً بالشركات اليابانية التي يتكل معظمها كثيراً على التصدير وتواجه اصلاً تباطؤ النشاط الاقتصادي اثر الكارثة الطبيعية. وأعلنت المجموعة المؤلفة من الولاياتالمتحدة وبريطانيا وكندا والبنك المركزي الأوروبي واليابان في بيان إثر محادثات في طوكيو، أنها «تعبر عن تضامنها مع الشعب الياباني في هذه الأوقات الصعبة واستعدادها لتقديم أي عون يحتاج إليه، وعن ثقتها في متانة الاقتصاد والقطاع المالي الياباني». وأضافت: «نكرر ما قلناه في الماضي عن أن التقلبات المفرطة والحركات غير المضبوطة في أسعار الصرف تؤثر في الاستقرار الاقتصادي والمالي. وسنراقب أسواق الصرف عن كثب ونقدم التعاون المناسب». مواقف وقالت وزيرة المال الفرنسية كريستين لاغارد، إن قرار مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى التدخل في سوق الصرف يهدف إلى دعم اليابان ووقف ارتفاع الين. وقالت لمحطة «إذاعة أوروبا - 1»: «الهدف بوضوح هو مساندة شريكنا الياباني وإظهار التضامن بوقف ارتفاع الين». وامتنع وزير المال الياباني يوشيهيكو نودا خلال مؤتمر صحافي مشترك عن التعقيب على حجم تدخل طوكيو في السوق. وقال: «عندما تكون اليابان في حال كهذه، مفيد للغاية أن تتعاون دول مجموعة السبع وأن تتخذ إجراء منسقاً لاشاعة الاستقرار في الاسواق المالية». وأضاف: «لا يستهدف تدخل المجموعة مستويات محددة لاسعار الصرف، بل يركز أساساً على تعاملات الدولار في مقابل الين، لكن البنك المركزي الاوروبي ربما يتدخل ايضاً في تعاملات اليورو مقابل الين». وتابع: «لا تدرس الحكومة الطلب من بنك اليابان المركزي أن يضمن في شكل مباشر ديونها، فخطوة مثل هذه ستحتاج إلى مناقشة حذرة». وأكد نائب وزير المال الياباني فوميهيكو ايغاراشي، أن «مجموعة الدول السبع مستعدة للتحرك في صورة حاسمة مرة ثانية في حال استمرت المضاربة في اسواق الصرف». وقال لوكالة «رويترز» إنه يشعر ب «الرضا عن تأثير التحرك المشترك النادر على الأسواق اليابانية الأمر الذي ساعد في رفع الأسهم وإضعاف الين»، مشيراً إلى أن «المضاربات كانت السبب وراء ارتفاع الين». وتابع: «إذا أذعنا إلى هؤلاء المضاربين الذين يستفيدون من مصائب الناس، سيتحطم الاقتصاد الياباني وسيتضرر اقتصاد العالم بأسره». وأعلن المصرف المركزي الياباني أنه ضخ ثلاثة تريليونات ين في اسواق النقد لدعم الاقتصاد بعد الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد وأعقبه تسونامي هائل، ليرفع بذلك الى 37 تريليون ين (466 بليون دولار) مجموع تدخله في السوق منذ مطلع الاسبوع. وكان المصرف ضخ صباح أول من أمس دفعة أولى من خمسة تريليونات ين أتبعها بأخرى ظهراً قدرها تريليون واحد. ولجأ المصرف الى عمليات ضخ هائلة للسيولة منذ الإثنين حين ضخ 15 تريليون ين في اكبر عملية تدخل تسجل في يوم. أوروبا وأعلنت وزارة المال البريطانية أن «بنك انكلترا» (المركزي البريطاني) تدخل في سوق الصرف للجم صعود الين. وفي باريس، أفاد مسؤول بأن البنك المركزي الفرنسي شارك في تدخل منسق في سوق الصرف. وأعلن محافظ البنك المركزي النرويجي أويشتاين اولسن، أن بلاده «ستواصل اتباع سياسة عدم التدخل في أسواق العملة». وقال في مؤتمر صحافي: «سياستنا هي عدم التدخل»، لكنه أضاف أن «البنك سيواصل سياسة شراء العملة الأجنبية نيابة عن صندوق الثروة السيادية النرويجي الذي يستثمر في أصول أجنبية». وإثر اعلان قرار المجموعة، ارتفع سعر الدولار نحو ينين ليبلغ 81.81 ين في طوكيو غداة تراجع قياسي الى 76.52 ين، ليواصل التعافي من مستوى قياسي منخفض في مقابل العملة اليابانية هوى إليه في وقت سابق هذا الاسبوع. والمرة السابقة التي تدخلت فيها اليابان بمفردها في سوق العملات كانت في 15 أيلول (ديسمبر) 2010 عندما باعت 2.13 تريليون ين وهو مبلغ قياسي ليوم. وصعد اليورو إلى 115.50 ين من نحو 114.70 ين. وذكر متعاملون أنهم شهدوا عمليات شراء للعملة الموحدة من جانب صناديق سيادية أوروبية. وتراجع الفرنك السويسري في شدة أمام الين بعد تدخل البنك المركزي السويسري لإضعاف العملة اليابانية. وجرى تداول الفرنك منخفضاً 2.7 في المئة أمام الين، بينما نزلت العملة السويسرية 0.9 في المئة امام اليورو ليجري تداولها عند 1.2724 لليورو. وانخفض الفرنك 0.6 في المئة أمام الدولار. المعادن وانعكس صعود الأسهم الآسيوية ارتفاعاً في أسعار الذهب بلغ واحداً في المئة ليسجل أعلى مستوى عند 1416.15 دولار للأونصة قبل أن يتراجع إلى 1416.10 دولار من 1402.4 دولار عند اغلاق نيويورك أول من امس. وكان الذهب بلغ مستوى قياسياً عند نحو 1444 دولاراً الأسبوع الماضي بسبب ارتفاع أسعار النفط والمخاوف من حرب أهلية في ليبيا والتوترات في الشرق الأوسط وتجدد المخاوف حيال الديون السيادية في منطقة اليورو. وارتفعت العقود الآجلة للذهب الأميركي تسليم نيسان (ابريل) 9.8 دولار للأونصة إلى 1414 دولاراً للأونصة. وصعد سعر الفضة 0.71 دولار إلى 34.89 دولار للأونصة، كما ارتفع سعر البلاتين 16.51 دولار إلى 1714 دولاراً للأونصة، في حين ازداد سعر البلاديوم 17.25 دولار إلى 721.75 دولار للأونصة. إلى ذلك، أعلنت «هوندا موتور» أنها ستمدد وقف انتاجها في اليابان حتى 23 آذار (مارس) من 20 آذار، في أعقاب الزلزال العنيف الذي ضرب شمال شرقي البلاد. وانتجت الشركة 69170 سيارة في كانون الثاني (يناير) في اليابان حيث تصنع 22 في المئة من انتاجها.