قال قيادي في المعارضة السورية إن فريق استطلاع صغيراً تابعاً للجيش التركي عبر الحدود إلى محافظة إدلب، شمال سورية أمس قبل عملية يعتزم عناصر «الجيش السوري الحر» شنها مدعومين بتركيا والطيران الروسي، في إدلب لطرد تنظيم «هيئة تحرير الشام» منها. وقالت مصادر محلية إن رتلاً من المركبات العسكرية التركية دخل إدلب برفقة عناصر من «هيئة تحرير الشام» التي تستهدفها العملية العسكرية التركية وفصائل «الجيش الحر» والطيران الروسي، ما يشير إلى احتمال إبرام اتفاق لتجنب القتال. وبسبب الانشقاقات الأخيرة ضعفت «تحرير الشام» إلى حد كبير وباتت تتكون في شكل عام من عناصر «جبهة النصرة» فقط. وحتى داخل «النصرة» هناك خلافات حول التعامل مع التدخل العسكري التركي. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال إن عناصر من المعارضة السورية تدعمهم القوات التركية سيشنون عملية في إدلب، وحذر من أن تركيا لن تسمح بإقامة «ممر للإرهابيين» قرب حدودها. وأتى إعلان أردوغان بعد أسبوع على زيارة نظيره الروسي فلاديمير بوتين إلى أنقرة. وأكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أهمية ضمان عدم التصعيد قرب الحدود وقال «سنضمن السلامة في إدلب وسنتعاون مع روسيا». وتأتي العملية بعد اتفاق بين تركيا وكل من إيرانوروسيا، اللتين تدعمان الرئيس السوري بشار الأسد، على إقامة منطقة «خفض توتر» في إدلب والمناطق المحيطة بها للحد من العمليات القتالية هناك وهو اتفاق لا يشمل «هيئة تحرير الشام»، التي تنضوي تحتها «النصرة» المصنفة إرهابية. وقال أحد السكان ومقاتل من المعارضة في المنطقة إنهما شاهدا عربات عسكرية تركية تدخل إدلب وبعدها تحركت برفقة عناصر من «هيئة تحرير الشام». وقال القيادي في المعارضة إن فريق الاستطلاع توجه إلى جبل الشيخ بركات الذي يطل على مناطق يسيطر عليها عناصر المعارضة في محافظة حلب المجاورة لإدلب ومنطقة عفرين التي يسيطر عليها الأكراد. وقال آرون لاند المتخصص في الشؤون السورية في مركز الفكر الأميركي «سنتشري فاونديشن» ل «فرانس برس» إن الهدف بالنسبة إلى تركيا يكمن أولاً «في إعادة ترتيب المناطق الحدودية». وأفادت صحيفة «حرييت» التركية بأن الفصائل المعارضة المشاركة في الهجوم الوشيك هي نفسها التي شاركت في «درع الفرات». وبعد نهاية هذه العملية أكدت أنقرة مراراً استعدادها لشن عملية أخرى مؤكدة أنها «لن تسمح» بإنشاء «ممر إرهابي» على حدودها. كما أكدت في السابق استعدادها للتدخل في منطقة عفرين الكردية إلى شمال إدلب. وعنونت صحيفة «يني شفق» الموالية للحكومة التركية «اليوم إدلب، غداً عفرين» في حديثها عن «عملية لإحلال السلام». وأفاد معارضون و «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن الجيش التركي تبادل إطلاق النار مع «هيئة تحرير الشام» قرب قرية كفر لوسين في إدلب صباح أمس. وذكروا أن عناصر «تحرير الشام» أطلقوا النار على جرافة تركية كانت تزيل أجزاء من جدار حدودي وإن المدفعية التركية ردت على إطلاق النار. وساد الهدوء المنطقة بعدها. وقالت جماعات المعارضة التي تشارك في العملية، وهي جزء من حملة «درع الفرات» التي تساندها تركيا منذ العام الماضي بالمدرعات والجنود في جزء آخر من سورية إلى الشرق من إدلب، إنها تتوقع أن تبدأ قريباً جداً. وذكرت «هيئة تحرير الشام» أن إدلب «ليست نزهة» لأعدائها. واحتشدت أمس قوات خاصة تركية مع عتاد عسكري ودبابات قرب الحدود السورية تمهيداً للعملية العسكرية. ويهدف الهجوم وفق قيادي في فصيل سوري معارض يشارك فيه إلى «تحرير إدلب بالكامل من هيئة تحرير الشام» لافتاً إلى أن «آلاف المقاتلين سيشاركون إلى جانب جنود أتراك» في العملية. وأطلقت القوات التركية في ريحانلي قرب الحدود سبع قذائف هاون باتجاه سورية دعماً للجيش السوري الحر المتحالف مع أنقرة وفق «وكالة دوغان» التركية الخاصة للأنباء. ولفت مصور في وكالة «فرانس برس» إلى تمركز آليات مدرعة وقوات تركية أمس على الحدود مع تصاعد الدخان في المنطقة نتيجة قذائف الهاون. ويأتي الهجوم التركي في مرحلة دقيقة ل «تحرير الشام» التي لا يتجاوز عدد عناصرها ألف عنصر وفق «المرصد السوري»، بعد انشقاقات وانقسامات داخلية. إلى ذلك، قتل 11 مدنياً على الأقل بينهم طفلان في غارات جوية على سوق في معرة النعمان في محافظة إدلب (شمال غرب). وقال «المرصد السوري» أمس «استهدفت طائرات حربية سوقاً في مدينة معرة النعمان» في محافظة إدلب، ناسباً الغارات إلى قوات النظام. وأضاف «قتل 11 شخصاً على الأقل بينهم طفلان، وسقط حوالى 20 جريحاً، وحصيلة الضحايا قد ترتفع». وكانت تركيا أحد أكبر الداعمين للمعارضة المسلحة التي تقاتل الرئيس السوري بشار الأسد خلال الحرب الدائرة منذ ستة أعوام ونصف العام، لكن تركيزها تحول من الإطاحة به إلى تأمين حدودها. وتمثل «وحدات حماية الشعب الكردية» أكبر هاجس أمني لتركيا على الحدود. والوحدات جزء من تحالف «قوات سورية الديموقراطية» الذي تدعمه الولاياتالمتحدة ويقاتل «داعش» في شرق سورية وهو يتكون من الأكراد بالأساس وبعض القوى العربية. وتسيطر الوحدات على مدينة عفرين. وقال القيادي في المعارضة إن عفرين إحدى المناطق التي سيتمكن فريق الاستطلاع التركي من مراقبتها من جبل الشيخ بركات. إلى ذلك، علم «المرصد السوري» أن الاشتباكات العنيفة لا تزال مستمرة في الريف الشمالي الشرقي لحماة، بالتزامن مع القصف العنيف والمكثف على محاور القتال. ورصد «المرصد» استمرار القتال العنيف بين قوات النظام وعناصر «تحرير الشام» في محيط معبر أبو دالي الإستراتيجي ومنطقة القاهرة ومحاور أخرى واقعة في أقصى الريف الشمالي الشرقي لحماة. ووثّق «المرصد» مقتل 26 على الأقل من عناصر قوات النظام، بينهم أكثر من 20، جثثهم، لا تزال متناثرة في شوارع القرية كما قتل عناصر من «تحرير الشام» في الاشتباكات ذاتها. وأفاد «المرصد» بانفجارات واشتباكات عنيفة في محيط قرية أبو دالي ومحاور أخرى بريف حماة الشمالي الشرقي، إذ تستميت قوات النظام لاستعادة السيطرة على القرية التي تعدّ معبراً ووصلة وصل بين مناطق سيطرة الفصائل ومناطق سيطرة النظام.