كادت جلسة مجلس الوزراء أمس، التي تعتبر من أقصر جلسات الحكومة منذ تولي الرئيس سعد الحريري رئاستها، تخلو من السياسة وتقتصر على جدول أعمالها، لو لم يبادر وزير التربية والتعليم العالي مروان حماده إلى إثارة عدم طرح مشروع المرسوم المتعلق بقبول إلحاق 207 أساتذة من الناجحين في مباراة مجلس الخدمة المدنية للتعيين في ملاك التعليم الثانوي في كلية التربية على جدول أعمال الجلسة، معتبراً عدم إدراجه مخالفة للمادة 95 من الدستور، فيما لا ينطبق على تعيينهم الإخلال بالتوازن الطائفي. ونقل عدد من الوزراء عن لسان حمادة قوله إن هناك ضرورة لتعيينهم، وهم من الفئتين الثالثة والرابعة، نظراً للحاجة اليهم لملء الشغور في القطاع التربوي نتيجةَ إحالة 440 أستاذاً ثانوياً على التقاعد لبلوغهم السن القانونية. واستغرب حماده التذرع بعدم التوقيع على مرسوم تعيينهم بمبدأ الإخلال بالتوازن الطائفي، وقال - وفق عدد من الوزراء - إن النص الوارد في الفقرة ب من المادة 95 من الدستور ينص صراحة على تعيينهم، ولا تتناقض هذه الفقرة مع الالتزام بالمناصفة في وظائف الفئة الأولى بين المسيحيين والمسلمين. ولفت حماده إلى أن هناك مراعاة لمبدأ المناصفة في وظائف الفئة الثانية، مع أن المادة 95 من الدستور لا تنص عليه، وطلب عقد جلسة تشريعية للبرلمان لتفسير هذه المادة لأنه وحده صاحب الحق في تفسير الدستور، خصوصاً أن الأمر لم يعد يقتصر على الأساتذة، وإنما بدأ ينسحب على كل القطاعات. ورد رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل على ما قاله حماده، قائلاً - كما نُقل عن الوزراء - إن «لدينا تفسيراً مخالفاً للمادة 95، ونحن لا نوافق على كلام حماده، وأطلب تسجيل ما قلته في محضر الجلسة، وسيكون لنا الموقف المناسب في حال تقرر عقد جلسة نيابية لهذه الغاية». وعلمت «الحياة» من مصادر وزارية أن المرسوم الخاص بتعيين الأساتذة لا يزال موجوداً لدى الدوائر المعنية في القصر الجمهوري، لأن رئيس الجمهورية ميشال عون يمتنع عن التوقيع عليه بذريعة الإخلال بالتوازن الطائفي، والأمر ذاته ينسحب على تعيين مأموري الأحراج لمصلحة وزارة الزراعة، فيما تم أخيراً «الإفراج» عن المرسوم الخاص بتعيين محاسبين لدى وزارات الدولة وإداراتها وعددهم أقل من 30 محاسباً. وفي هذا السياق، كشف عدد من الوزراء ل «الحياة»، أن «التيار الوطني الحر» كان لمح في موقف سابق إلى أنه يدرس التقدم باقتراح قانون ينص على تطبيق المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في الفئات الوظيفية الأربع، وهذا ما يشكل مخالفة للمادة 95 من الدستور التي تحصر المناصفة في الفئة الأولى. وأكد هؤلاء الوزراء أن اقتراح القانون لا يفي بالغرض المطلوب، لأن هناك ضرورة للتقدم باقتراح يقضي بتعديل المادة 95، وهذا من صلاحية رئيس الجمهورية، ولا ينوب عنه تكتل نيابي، فهل يطلب الرئيس تعديلاً دستورياً في هذا الشأن؟ وبعد انتهاء الجلسة التي عقدت في السراي الكبيرة وعلى جدول أعمالها 63 بنداً. اشار وزير الإعلام ملحم رياشي الى إقرار غالبية بنود الجدول وأن المجلس سيعقد جلسته المقبلة في القصر الجمهوري للبحث في قضايا الساعة. ولفت في تصريح مقتضب الى ان البند المتعلق بهيئة الإشراف على الانتخابات، قد أقرّ، (بند يتعلق بنفقات ومخصصات الهيئة من اجل مباشرة عملها لوجستياً) وفي الجلسة المقبلة ستبحث كل الأمور التي بقيت عالقة». وقال وزير الداخلية نهاد المشنوق: «أريد التأكيد على نقطة وهي ان الانتخابات النيابية ستجري في موعدها الدستوري، أما البحث فهو في الآلية وليس في موعد الانتخابات، وأيّ بحث بين القوى السياسية هو بحث في آلية تطبيق هذا القانون العجائبي». وأشار إلى أن «موضوع البطاقة البيومترية هو موضع نقاش مع القوى السياسية». كما أقرّ المجلس سلفة الخزينة لوزارة الاتصالات، وخفّض السلفة من 225 بليون ليرة الى 150 بليوناً، ووفق وزير الاتصالات جمال الجراح ، فإن سبب الخفض، هو ما جرى من تخفيضات في قانون البرنامج وجدولة كلفته. وأوضح أن «سلفة الخزينة أقرّت بعد أن وافقت عليها الحكومة في الجلسات السابقة والتي أرجىء صرفها إلى حين إقرار الموازنة، أما وقد تأخر إقرار الموازنة عاد ووافق عليها مجلس الوزراء اليوم». حمادة: تقاعس رئاسة الجمهورية والحكومة وفي دردشة مع الإعلاميين قال الوزير حمادة: «هناك تقاعس من مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية في التعامل مع ملفات وزارة التربية، فهناك مشروع مرسوم بالتحاق 207 أساتذة نجحوا في الجامعة اللبنانية والتحقوا بكلية التربية لكي يحلوا مكان الذين تقاعدوا هذه السنة في الثانويات». أضاف: «يعني الأمر «مبكل» مئة في المئة، ولا يعطي احد ملاحظات على آلاف المعلمين الذين تم تعيينهم في العهود الماضية. ولكن الآن يعطّلون العمل، وسأطلب من المجلس النيابي تفسيراً للمادة 95 من الدستور التي تحصر التوازن بين الطوائف في الفئة الأولى فقط. لا أستطيع تأمين توازن في بقية الفئات، اي الثانية والثالثة والرابعة والخامسة، وإذا كان احد يستطيع في لبنان اجراء تغيير ديموغرافي ويؤمّن هذا الأمر فأنا أسلّم بذلك. المادة 95 يفسرونها بأن كل الوظائف مناصفة، بينما هي واضحة واتفاق الطائف يحصرها في الفئة الأولى، ويا ليتنا نجد في بقية الفئات توازناً، وبالتالي حراس الأحراش والمحاسبين وأساتذة المدارس الرسمية تتم عرقلة تعييناتهم بسبب تفسير المادة 95». الموازنة وبعد انتهاء الجلسة عقد اجتماع في السراي ضمّ الرئيس الحريري ووزراء المال علي حسن خليل والخارجية جبران باسيل و الطاقة سيزار أبي خليل و الاقتصاد رائد خوري للبحث في الموازنة .