أوضح قانونيون تحدثت معهم «الحياة» أمس أن توصيات مجلس الشورى التي تفوض المجلس الأعلى للقضاء لمعالجة موضوع الاستحكامات على الأراضي في السعودية وإصدار لائحة خاصة بهذا الشأن «أنها مخالفة التوجه لأمر ملكي صدر إبان فاجعة جدة الأخيرة، والذي طلب أن تقوم وزارة العدل ووزارة الشؤون البلدية بالتنسيق حيال إصدار نظام ينظم منح العقارات لتلافي السلبيات السابقة والتي أدت إلى التعدي على الأراضي والتملك بطرق غير مشروعة بالمخالفة للأنظمة والتعليمات». ووفقاً لمعلومات خاصة حصلت عليها «الحياة» فإن الوزارتين شرعتا أخيراً بناءً على الأمر الملكي في إعداد المشروع، الذي ينصب على معالجة إشكالية التملك. وقال مسؤول قانوني فضل عدم ذكر اسمه «إن الأمر الملكي واضح وكلف وزارتي الشؤون البلدية والعدل كونه راعى في هاتين الجهتين المعنيتين تنظيمياً وتنفيذياً لذراعي الاختصاص، وهما ذراع العدالة والشأن البلدي»، مشيراً إلى أنه «لا يمكن أن تصدر لائحة في هذا الموضوع قبل صدور هذا النظام الذي تعمل عليه الوزارتان، معتبراً في الوقت ذاته أن تفويض مجلس القضاء أمراً لا علاقة له بالتوجيه والذي أعطى كل الجهات المسؤولة صلاحياتها الكاملة». إلى ذلك اعتبر القاضي السابق والمحامي محمد الجذلاني «إصدار مجلس الشورى لقرار يفوض فيه المجلس الأعلى للقضاء بإعداد لائحة للاستحكام أن فيه تجاوزاً صريحاً من المجلس ومخالفة لأوامر سامية صريحة وقاطعة ولا اجتهاد معها، وذلك من جوانب عدة: أهمها أن المجلس ليس له صفة إصدار التشريعات، ولا يزال دوره رقابياً واستشارياً، وإذا كان لا يملك حق التشريع بنفسه فكيف يقوم بمنح اختصاصٍ لا يملكه بنفسه إلى غيره؟!». وأضاف الجذلاني ل «الحياة» أن إصدار مثل هذا التفويض فيه مخالفة ٌ صريحة لنص الأمر السامي ذي الرقم : أ / 66، التاريخ : 26 / 5 / 1431ه ، مشيراً «إذا كان من أهم واجبات مجلس الشورى أن يتابع حسن تنفيذ الوزارات والجهات الحكومية للأنظمة والأوامر السامية فكيف يصدر عن المجلس مخالفةٌ واضحة لأمر سام ٍ شهير أذاعته جميع وسائل الإعلام وجرى نشره على عموم الناس، ومن الطبيعي أن ينتظر الناس تطبيقه حرفياً ويتساءلون عن ذلك، فكان الأولى بمجلس الشورى أن يسائل وزارتي العدل والشؤون البلدية والقروية، عما تم إنجازه لتنفيذ ما أمرهما به الأمر السامي المذكور، لا أن يلتفت عن هذا الأمر؟!». وتابع «ألا يعلم مجلس الشورى الموقر أن نظام القضاء لم يمنح مجلس القضاء أي سلطة أو صلاحية لإصدار لوائح إلا فقط ما يختص بالأعمال التي يمارسها المجلس»، وأضاف «نحن نتساءل كيف يفوض مجلس الشورى لمجلس القضاء إصدار لائحة لأحكام التملك وحجج الاستحكام مع أنه لا يوجد لها نظام؟ إن صدور لائحة ٍ من دون نظام ٍ سابق ٍ لها يجعل من هذه اللائحة نظاماً وإن سميت لائحة، متمنياً «لو أنه تم أخذ رأي لجنة الأنظمة في مجلس الشورى فلا أظن أبداً أنها ستوافق عليه، وقد يكون أعضاء المجلس من ذوي التخصص اعترضوا فعلاً على هذا القرار وذلك لأنه أعلن أنه صدر بالأغلبية». وبشأن آلية التصويت في مجلس الشورى على التوصيات قال: «الحقيقة أن آلية التصويت في مجلس الشورى تتيح لغير المتخصص أن يغلب المتخصص في التصويت على قرار ٍ خاطئ لمجرد الأغلبية، والتصويت على مثل اللائحة دليلاً على ذلك، مضيفاً كان من المفترض أن يمتلك مجلس الشورى قاعدة بيانات ومعلومات تسانده عند النظر في مشاريع القرارات ومناقشتها والتصويت عليها، ولو كان لدى المجلس قاعدة بيانات وافية لم يغب عنه أن الأمر الملكي الشهير الصادر في كارثة جدة تضمن تكليف وزارتي العدل والشؤون البلدية والقروية التنسيق لإصدار نظام ٍينظم تملك ومنح العقارات».